الاستاذ الدكتور محمد علي حميض
قسم التغذية والتصنيع الغذائي/ كلية الزراعة - الجامعة الاردنية
يعتبر الزيتون المخلل أو زيتون المائدة بأنواعه من المنتجات الشعبية المرغوبة في بلادنا، فهو من الأغذية الجيدة الفاتحة للشهية وذات القيمة الغذائية لاحتوائه على الزيت المعروف بفوائده والالياف الطبيعية والأملاح المعدنية. ان انتاج الزيتون المخلل بنوعية جيدة يزيد المردود المادي ويسهل عملية التسويق في الداخل والخارج ويشجع على الزيادة في الكميات المستهلكة. ولضمان جودة الزيتون المخلل لا بد من مراعاة عدة امور تتعلق بالأصناف المستعملة وبالقطاف وبالطرق المتبعة في التحلية والخزن.
أختيار الأصناف والقطاف
يراعى في انتاج الزيتون الأخضر الرصيع اختيار الأصناف المناسبة التي تمتاز بشدة اللحمية وبسهولة انفصالها عن النواة، ومن هذه الأصناف النبالي والنبالي المحسن والصوري والرصيعي.
تقطف الثمار قبيل بدء تغير لونها من الأخضر الى الأسود حيث يميل اللون الى الصفرة. ويختلف التوقيت حسب الصنف والسنة والموقع. ويمكن جني الثمار باليد أو باستعمال الأمشاط الخاصة وينبغي تجنب الضرب بالعصى للحصول على ثمار سليمة.
تعبئة ونقل وتخزين الثمار
للمحافظة على جودة الثمار بعد القطف يفضل استعمال الصناديق وتجنب الأكياس خاصة البلاستيكية التي لا تسمح بتهوية جيدة وكذلك تجنب تكديس الزيتون فوق بعضه. وكقاعدة عامة ينبغي البدء بالتخليل في أقصر مدة ممكنة بعد القطاف.
تصنيف الثمار
يتطلب انتاج نوعية ممتازة من الزيتون عدم خلط أصناف مختلفة وتدريج الثمار حسب حجمها على الأقل الى ثلاثة مجاميع: صغيرة ومتوسطة وكبيرة. ويسبق هذه الخطوة أو يشملها التخلص من مختلف الشوائب والثمار التالفة أو المصابة. ويعتبر التدريج أمرا لازما في حالة الرصع الآلي لضمان رصع الثمار بمستوى جيد.
الغسل
يتم الغسل بنقع الثمار بعد تصنيفها في الماء ثم اخراجها وشطفها.
طرق التصنيع
من أهداف تخليل الزيتون الرئيسة التخلص من الجزء الأكبر من الطعم المر. وفيما يلي وصف لأهم طرق التخليل:
- الزيتون الأخضر الرصيع:
طريقة الرصع هي الأكثر انتشارا في منطقتنا، ومن مزاياها المحافظة بدرجة عالية على نكهة الزيتون وصفاته الطبيعية.
الرصع: يتم الرصع بتعريض الثمار لقوة ميكانيكية تؤدي الى شج اللحمية بشكل غير منتظم ويتم ذلك اما يدويا، باستعمال حجر أو مطرقة خشبية أو معدنية، أو آليا بتمرير الثمار بين اسطوانتين متماثلتين تدوران بشكل متعاكس. والهدف من الرصع هو تسهيل انتقال محلول التخليل الى داخل الثمار وخروج المركبات المرة منها عن طريق الذوبان والانتشار، مما يسرع في التحلية. كما يفيد الرصع في تسهيل فصل اللحمية عن النواة. وللحصول على جودة عالية ينبغي أن لا يكون الرصع جائرا ولا خفيفا بل وسطا بين ذلك، وهذا يعني أن تشج الثمار دون أن تتهشم. وينبغي الاسراع بعد الرصع بوضع الزيتون في الماء أو في المحلول الملحي لتفادي اسوداد الثمار.
اعداد محلول التخليل: ثبت بالتجارب العلمية أنه من المناسب استخدام محلول ملحي بتركيز 10 % أي باذابة 10 كغم ملح في 9 لتر ماء (أي نصف تنكة) ويراعى أن يتم ترويق المحلول وازالة ما يطفو على السطح من شوائب وتصفيته من خلال قطعة قماش مناسبة. وربما أن لتركيز الملح أهمية في نجاح التخليل والحفظ ينبغي التأكد من صحة لتركيز باستخدام مقياس الكثافة والغاطس (الهيدروميتر) نوع بوميه أو سالوميتر أو بأي طريقة أخرى معتمدة. يضاف للمحلول كمية من حمض الليمون (ملح الليمون) أو عصير الليمون أو حمض الخل (روح الخل) بنسبة 5 غرام حمض الليمون لكل 10 لتر محلول أو 10 غرام (ملعقة كبيرة) من روح الخل، كما يمكن اضافة ملعقة صغيرة من السكر لكل 10 لتر.
نقع الثمار المرصوعة: اذا حفظ الزيتون بعد الرصع مباشرة في المحلول الملحي فانه يحتاج الى وقت طويل من التخزين لتخف مرارته، وللأسراع في التحلية تنقع الثمار المرصوعة في الماء أو في محلول ملحي مخفف ويغير ماء النقع كل 24 ساعة ويعاد ذلك مرة أو بضع مرات حسب الرغبة في مستوى الطعم المر.
التعبئة: يفضل تعبئة الزيتون المرصوع في عبوات أو براميل أو صهاريج بلاستيكية مناسبة من حيث المواد المصنعة منها وكذلك من حيث قابليتها للأغلاق المحكم، وذلك بدلا من استخدام الصفيح المطلي باللاكر (التنك) اذ انه سرعان ما يتآكل ويتلف. بعد تعبئة الكمية المناسبة يضاف اليها محلول التخليل بحيث يكون وزن الزيتون مساويا لوزن المحلول (نسبة 1 كغم زيتون الى 1 لتر محلول تقريبا) يستحسن اضافة شرائح من الليمون. يجب ان يكون الزيتون مغمورا في المحلول مما قد يتطلب وضع قرص بلاستيكي مثقب فوق الزيتون لمنع نمو الأعفان واسوداد الثمار.
تغلق العبوات بشكل غير محكم تماما للسماح بخروج الغازات المتكونة ثم تحفظ في مكان دافيء نسبيا (20 - 30 درجة مئوية) للاسراع في التخليل. ويمكن تعبئة الرصيع في عبوات زجاجية كمرطبانات الضغط مع مراعاة فتحها من وقت لآخر لاخراج الغازات. وفي جميع الأحوال يحسن مراقبة الزيتون خلال فترة التخليل والخزن واضافة محلول ملحي اذا حصل أي نقص في مستواه.
2- الزيتون الأخضر المشقح
لانتاج زيتون مائدة فاخر ذي سعر جيد، يتم تشقيح الثمار بانتظام بدلا من رصعها، الا ان هذه العملية تحتاج الى وقت أطول من الرصع. ويعامل الزيتون بعد تشطيبه بنفس الخطوات السابق ذكرها في الزيتون الرصيع، وجدير بالذكر أنه يمكن تثقيب قشور ثمار الزيتون بالابر كبديل للرصع أو التشطيب.
3- تحلية الزيتون الأخضر باستعمال القلوي
لانتاج زيتون مائدة بمرارة منخفضة خلال وقت قصير كما هو الحال في بعض الدول الأجنبية كاليونان وايطاليا واسبانيا، دون رصع أو تشقيح الثمار يمكن اتباع الخطوات التالية:
ينقع الزيتون في محلول قلوي نسبته 2% أي باذابة 20 غرام من هيدروكسيد الصوديوم في لتر من الماء (ينبغي الحذر من القلوي ومحلوله لأنه مادة كاوية يؤذي البشرة). توضع الثمار في المحلول القلوي لمدة 3-4 ساعات يبدأ بعدها الكشف عن مدى دخول القلوي الى اللحمية، ويتم ذلك بعمل شقين متقاربين في عدد من الحبات، (اذ ان حبة واحدة لا تمثل الزيتون)، وفصل مقطع اللحمية الصغير ووضع قليل من محلول الفينول فثالين (محلول كحولي مخفف) على اللحمية المكشوفة في الحبة حيث يشاهد لون أحمر يبين حدود نفاذ القلوي وينبغي أن يتم دخول القلوي بعمق لا يزيد عن ثلثي سمك اللحمية، فالزيادة تؤدي الى فقدان الزيتون طعمه ونكهته المميزة. هذا وقد يتطلب اكمال هذه المعاملة 4-8 ساعات وأكثر حسب صنف ومستوى نضج الثمار.
ينشل الزيتون من المحلول القلوي ويغسل جيدا عدة مرات ثم ينقع في الماء لمدة 12 ساعة ويغير عنه عدة مرات، يمكن تفادي الماء اذا أضفنا كمية كافية من محلول ملح الليمون (ملعقة كبيرة لكل 10 لتر) أو الخل الى ماء النقع لمعادلة القلوي وينبغي التأكد من ذلك عن طريق تذوق الحموضة في ماء النقع. ينقل الزيتون الى محلول الحفظ والتخليل ويعامل كما هو الحال في حفظ الرصيع.