عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ] والصلاة والسلام على هادي البشرية ومعلمها وعلى اله
وصحابته اهل العفاف والتقى وبعد عرفت الموسوعة العربية العالمية التكافل
الاجتماعي في الإسلام بأنه:
أن يكون الأفراد في كفالة جماعتهم ينصر بعضهم بعضاً، وأن تكون كل القوى
الإنسانية في المجتمع متلاقية في المحافظة على مصالح الأفراد، ودفع الأضرار
عنهم، ثم المحافظة على البناء الاجتماعي وإقامته على أسس سليمة.
وهذا التعريف لا شك أن مفهومه مستمد من الحديث النبوي الشريف الذي يقول: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً
ولضمان التكافل في الأمة أسس الإسلام في نفوس أبنائه استشعار علاقة الأخوة
فيما بينهم، المستوحاة من قوله تعالى: {إِنمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
[الحجرات: 10]، وبما تقتضيه الأخوة من الإيثار، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
مفهوم ونطاق التكافل الاجتماعي
يقصد بالتكافل الاجتماعي : أن يكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على
المصالح العامة والخاصة ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية ، بحيث
يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب الحقوق التي له أن عليه واجبات للآخرين وخاصة
الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة وذلك بإيصال المنافع إليهم
ودفع الأضرار عنهم .
نطاق التكافل الاجتماعي :
إن المجتمع المسلم هو الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظاما
وخلقا وسلوكا ، وفقا لما جاء به الكتاب والسنة ، واقتداء بالصورة التي طبق
بها الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده .
وعندما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة يجد التكامل الاجتماعي مكانه بارزا في
المجتمع بحيث تتحقق فيه جميع مضامينه , ذلك أن الإسلام قد اهتم ببناء
المجتمع المتكامل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج الصورة
التي وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك المجتمع بقوله : « مثل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر » لذا فإن التكافل الاجتماعي في
الإسلام ليس مقصودا على النفع المادي وإن كان ذلك ركنًا أساسيًّا فيه بل
يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع أفرادا وجماعات, مادية كانت تلك الحاجة أو
معنوية أو فكرية على أوسع مدى لهذه المفاهيم , فهي بذلك تتضمن جميع الحقوق
الأساسية للأفراد والجماعات داخل الأمة .
والتكافل الاجتماعي في الإسلام ليس معنيا به المسلمين المنتمين إلى الأمة
المسلمة فقط بل يشمل كل بني الإنسان على اختلاف مللهم واعتقاداتهم داخل ذلك
المجتمع كما قال الله تعالى : { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ
لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ
أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ } ؛ ذلك أن أساس التكافل هو
كرامة الإنسان حيث قال الله تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلًا }
التكافل بين المرء وذاته :
الإنسان مسؤول عن نفسه أولا فهو مسؤول عن تزكيتها وتهذيبها وإصلاحها ودفعها
إلى الخير وحجزها عن الشر . قال الله تعالى : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
}{ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }{ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا
}{ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } كما أنه مسؤول عن حفظها ورعاية صحتها
وتمتعها في حدود المباح . قال الله تعالى : { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ
اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا
وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي
الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }
ثم إنه منهي عن إتلاف نفسه وإضعافها وتعذيبها فقد نهى الله تعالى عن
الانتحار بقوله : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قتل نفسه
بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا »
كما يحرم عليه تعاطي كل ما يؤثر على صحته أو عقله فإن من المقاصد العامة الضرورية للشريعة الإسلامية حفظ النفس والعقل والمال .
اكتفي بهذا القدر وساوافيكم بعون الله غدا ان شاء الله عن التكافل داخل
الاسرة والجماعة ومضاهر التكافل الاجتماعي اسال الله ان ينفع به انه ولي
ذلك والقادر عليه