08.12.15 14:09
تمائم بالأحمر والأزرق
تعمل الألوان غالباً معاً. وفي مجال المجوهرات، غالباً ما يتمّ اختيار الألوان ذات المعنى الرمزي للتمائم. وقد يكون اللونان الأكثر قوّة هما الأحمر والأزرق، وكلاهما يسيطران على المجوهرات في الشرق الأوسط. الأحمر هو الأكثر شيوعاً، فهو ذو صلة بالدم والقلب، ويمكن تفسيره على أنّه يمثّل العاطفة والحبّ، وكذلك الخطر والشرّ. أما اللون الأزرق، فلون السماء والماء، ويظهر بقوّة لدى البربر في الجزائر، وكذلك في مجوهرات السعودية واليمن، حيث يتمّ استخدام اللون الفيروزي بشكل بارز في الخواتم والقلائد. أما في سوريا والأردن وفلسطين، فيتمّ استخدام الخرز الأزرق في تطعيم الفضّة والمجوهرات.
بالإضافة إلى اللونين الرئيسيين الأزرق والأحمر، تُستخدم العديد من الألوان الأخرى لأسباب مختلفة. فاللون الأخضر يدلّ على النمو والتجديد والحياة الجديدة. ويقال أنّ الأصفر يوحي بدفء أشعة الشمس، ولكنّه يُعتبر أيضاً لون الصحراء. جنباً إلى جنب مع الأخضر الدالّ على الحياة وزرقة المياه. وتعتبر هذه الألوان الثلاثة رمزاً للبيئة اليوميّة للناس في شمال أفريقيا: الصحراء، والغطاء النباتي والمياه والهواء.
يُستخدم الأبيض في كثير من الأحيان عندما يتعلّق الأمر بالولادة والأمومة. فلونه كلون الحليب، لذا فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحياة الجديدة، فهو رمز الرضاعة الطبيعيّة ويحمي الصغار والأمّهات. وعادة، يعزّز من قوة اللون اختيار الخامة لصنع قطعة مجوهرات معيّنة. ولكن في بعض الأحيان يكون اللون نفسه أهمّ ما في القطعة، فقد تُصنع قطع بمواد ثمينة مثل المرجان الذي من الممكن أن يضاف إليه الزجاج وحتى الخرز البلاستيكي الأحمر. في هذه الحالة، العامل المحدّد الوحيد هو اللون.
رمزيّة العين واليد
يتمّ استخدام التميمة، الأكثر شيوعاً في الشرق الأوسط، لدرء العين الشريرة أو عين الحسد، كما هو معروف في اللغة العربيّة. فالعين تبدأ عند حصول الغيرة أو الحسد في البشر، وقد يتعلّق الأمر بالجمال أو الثروة. ولا يزال يباع الخرز الزجاجي الأزرق مع الأبيض، مع نقاط زرقاء وسوداء في دلالة على العينين في كلّ الأسواق من اسطنبول إلى مدينة فاس.
وتتّخذ التمائم ضدّ العين الشريرة أشكالاً عديدة، ولا تقتصر على المجوهرات فقط. ففي سوريا والأردن وفلسطين، القرص الخزفي الأزرق أو الأخضر المثقوب في أماكن عدة، يعتبر تميمةً ضدّ العين الشريرة. أما تاريخه فغير مؤكّد، ولكن يقال أنّ أصله تميمة عين حورس المصريّة القديمة.
شكل اليد عادةً ما يعتبر من التمائم القوية لعدّة أسباب، واستخدامها يسبق الإسلام. وفي البلدان الإسلاميّة اليوم يمكن تصوير اليدين إما بالكثير من التفاصيل، مثل الأيدي المغربيّة، أو بشكل تخطيطي كما هي الحال في عمّان. وهناك اختلاف في الطريقة التي يتمّ وضع اليد فيها: ففي حال اتّجاه الأصابع للأعلى يكون هذا رمزاً للدفاع ضد الشرّ، أما حين تتّجه الأصابع للأسفل، فيقال أنّها اليد التي تمنّ بالنِعم.
تمائم بشكل حيوانات
بما أنّ الحياة التقليديّة والبدويّة تستند إلى وئام وثيق مع الطبيعة، سواء كان ذلك في الصحراء أو في المجتمعات الزراعيّة، تأخذ بعض التمائم شكل الحيوانات، وقد تكون مصنوعةً من أجزاء من الحيوانات.
وقد تصوّر مخلوقات خطرة، مثل العقارب أو الثعابين، أو تمثّل كائنات لطيفة تعزّز الخصوبة والصحة. وتماشياً مع مبادئ السحر التعاطفي، الذي يقوم على التقليد، أصبحت تمائم الحيوانات الخطرة هذه، تحصيناً من هجمات الحيوانات نفسها. فاستخدام أوصاف الحيوانات يرجع لتقاليد قديمة توجد في أغلب الحضارات.
الشمس والقمر والنجوم
لطالما اعتُبرت الأجرام السماويّة رموزاً قويّة منذ العصور القديمة. ففي بلاد ما بين النهرين القديمة ومصر، كانت دراسة السماوات فنّاً على درجة عالية من التطوّر. فليس من المستغرب أن نجد العديد من الدلالات التي ترمز إلى الأجرام السماويّة في المجوهرات. فالفضّة، المعدن المفضّل للمجوهرات التقليديّة، يرتبط بقوّة بالضوء البارد من سطح القمر، في حين يرتبط الذهب بحرارة الشمس.
وغالباً ما تستخدم خمس أو ست نجوم معاً مع رمز القمر، وفي سوريا والأردن وشبه الجزيرة العربيّة يتوفّر الكثير من القلائد الصغيرة على شكل أهلة.
ويُستخدم الرمز المعروف «الهلال مع نجمة واحدة»، منذ العصور القديمة التي سبقت الإسلام بآلاف السنين. وعلى الأرجح، النجمة الواحدة تمثّل كوكب الزهرة، ويمكن رؤية هذا الكوكب كنجمة مضيئة عند شروق الشمس وغروبها، وهو معروف بنجمة المساء أو نجمة الصباح، وعلى هذا النحو عُرف في مصر القديمة «بالنجم الوحيد».
وغالباً ما تسمّى الزخارف على الوجه الأمامي من السوار الليبي «بالزخرفة النجميّة»، ويكون الشكل المركزي قرصاً كبيراً وقرصاً أصغر حجماً، مكوّنين من 7 نقاط، تسمّى الشمس والقمر. مع ذلك، قد تكون النقاط السبع إشارةً الى نجم الثريّا. وكانت هذه الكوكبة، التي تعرف أيضاً باسم الأخوات السبع أو الثريا باللغة العربية، مهمّة للغاية بالنسبة للمجتمعات الزراعيّة في منطقة الشرق الأوسط. فظهور هذه الكوكبة في المغرب ترمز لبداية الموسم الزراعي، وفي اليمن استخدمت الثريّا من قبل المزارعين لمتابعة الموسم الزراعي. لذا نظراً لأهميّتها المتّصلة بالزراعة وبدعمها، تُدرج الثريّا في تصميم المجوهرات.
الأحجار الكريمة والعناصر الطبيعيّة
لا يتمّ اختيار الأحجار الكريمة فقط لجمالها الطبيعي، ولكن أيضاً لأهميّتها الرمزيّة، فغالباً ما تضرب بجذورها عميقاً في الحضارة.
ويختلف استخدام كلّ حجر من الأحجار الكريمة باختلاف الزمان والمكان، وارتبط أغلبها بتغيّرات المدّ والجزر التي اجتاحت هذه المنطقة لآلاف السنين. وبشكل عام، يقال أنّها كلّها مفيدة لدرء العين الشريرة، التي تُعتبر سبباً لسوء الحظ.
وأحياناً يتمّ الجمع بين عناصر طبيعيّة أكثر ليونة، مثل القرنفل ، مع مواد أكثر قوّة. وتستخدم سلاسل من القرنفل لإضافة رائحة طيّبة على القلادة، ويقال أنّها ذات تأثير مفيد على واضعيها. وفي المغرب، تمتلئ الحلي الفضّية الجوفاء، التي توضع في الشعر، بصوف الأغنام المعطّر، وكذلك في موريتانيا. فحين تتأرجح الحلية، يغمر عطر لطيف واضعيها. وفي سوريا وفلسطين والأردن ومصر، تستخدم الشبّة نظراً لمفعولها في طرد الشر والأرواح الشريرة، وغالباً ما توضع في إطار معدني، أو تزيّن بشبكة من الخرز.
ولطالما كان العنبر مرغوباً من قبل نساء الشرق الأوسط، إذ يُقال أنّه يحبس دفء الشمس وقوّتها المتجدّدة. ويقال أيضاً أنّ الراتنج المقوّى يحبس الدفء من أشعة الشمس، وعندما يوضع في قلادة، من شأنه أن يعالج آلام الحلق. وقد كان يتمّ استيراده من دول بعيدة، كمنطقة بحر البلطيق، حيث كان سعره مرتفعاً، بالإضافة لأصناف أخرى، مثل عنبر كوبال أو حتى الأنواع المقلّدة.
وفي فلسطين، ترتدي العروس قلادةً معلّق عليها القرنفل المعطّر. وصباح يوم زفافها، تستحمّ في المياه المستخدمة لنقع القرنفل، فقد قيل أنّ لهذه المياه العطريّة تأثيرات مفيدة للمرأة التي تغتسل بها. وفي منطقة القبائل في الجزائر، يتمّ استخدام قلائد الزفاف مع قطع من القرنفل أيضاً، حيث أنّ العرائس أكثر عرضةً للعين الحاسدة...
كما تُستخدم على نطاق واسع حبّات العقيق، بفضل خصائصها السحريّة. ويقال أنّ العقيق الأبيض يحفّز انتاج الحليب للأمهات الشابّات، أما العقيق البنّي، فهو وسيلة ناجحة لمكافحة آلام الرقبة، والعقيق الأصفر يساعد على التخلّص من الأمراض المعويّة.
ولا تعتبر النقود دلالةً على الحالة الاقتصاديّة فقط، ولكنّها تستخدم كتمائم كذلك.
المكانة الإجتماعيّة
أحد أهم وظائف المجوهرات، هو إظهار حالة مرتديها. فمنح الزوج زوجته مجوهرات يدلّ على الاحترام. ويمكن أن تشير المجوهرات أيضاً إلى المكانة الاجتماعيّة، أو المجموعة الدينيّة التي ينتمي إليها الزوج. ويعرف الناس كيف يتعاملون مع المرأة من خلال المجوهرات التي تضعها.
العروس والزوجة
ترجع عادة تقديم الحلي للمرأة يوم زفافها إلى أمد طويل في المنطقة. كما تختلف كميّة وقيمة المجوهرات التي تعطى للعرائس من بلد إلى آخر، بل تختلف حتى بين المناطق والقرى داخل البلد الواحد. ومن المعروف عموماً المهر والصداق، وهو مصطلح يختلف في اللغات. وتُعرف هديّة المجوهرات «بالشبكة» في سوريا ولبنان ومصر وشبه الجزيرة العربيّة والأردن. وفي الآونة الأخيرة تمّ طرح هذا التقليد للنقاش، وذلك بسبب عدم وجود معايير تعمّم على الجميع، والشعور لدى الكثيرين بعدم أهميّة الشبكة والمهر.
الأمّ
عندما تنجب المرأة أطفالاً، تختلف مكانتها. ففي كثير من البلدان، تضع النساء ممن لديهنّ أطفالاً، مجوهرات معيّنة للاحتفال بمكانتهنّ وشرفهنّ كأمّهات. وفي بعض المناطق يعكس عدد المعلّقات عدد الأطفال لدى كلّ امرأة. وفي مناطق أخرى تعتبر القلادة رمزاً للأمومة، ويمكن أن تتكوّن من العديد من المعلّقات. وفي منطقة القبائل في الجزائر، يتمّ منح الأم التي أنجبت ولداً، مشبكاً.
