فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حفت النار بالشهوات "
وأنت دائما تنظر لرغبتك وانت تحبها وتنجذب إليها ، وتظن أنك قادر عليها ، مالك زمام الأمور فى يدك ولن تسقط أبدا ، وأنك قوى لن تنزلق وفى الوقت المناسب ستتراجع
ولكن دائما يحدث العكس ، تنحدر ، وتنحدر حتى تطيح بك المتعة إلى الهاوية حيث لا تقدر بعدها على التراجع كمن يجرى على منزلق جبل ، فهو يجرى ويجرى حتى تصل به لحظة أن يجد قدماه تنفتح للجرى دون إرادته ولا يتحكم فى ضبطها بعد ذلك حتى يسقط ويتدحرج إلى القاع
وهكذا الحال منذ بداية الخلق ، ومع ذلك الجميع يريد أن يخوض التجربة بنفسه ولم يتخذ من معصية أبيه آدم عبرة ليحمى نفسه من سوء عاقبة التجربة السيئة
انظر معى قول الله عز وجل فى سورة المائدة لأبيك وأبى آدم وأمنا حواء :
( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما ورى عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين )
وقال الله لآدم وزوجته حواء اسكنا الجنة وتمتعا بكل ما فيها من ثمرات إلا شجرة واحدة
ولكن بدأ الشيطان غدره وحسده ووسوس لهما ليحرمهما من النعيم الذى طرد منه
فقال لهما : إن ربكما منعكما من الأكل من هذه الشجرة حتى لا تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين
وأقسم لهما بالله أنه ينصحهما لمصلحتهما
وللأسف خدعهم بالقسم بالله
( فدلاهما بغرور ، فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )
ولكن الشيطان مازال يغريهما حتى ذاقا من الشجرة
فظهرت لهما سوآتهما التى كان الله أخفاها استحياء لهما
فظلا يخطفان من ورق الشجر فى الجنة ويغطيان سوآتهما كهيئة الثوب ويجريان حياء
فنادى عليهما الله وقال لهما : ألم أقل لكما لا تأكلان من هذه الشجرة ؟
ألم أحذركما من عدوكما الشيطان ؟
ألم أقل لكما إن الشيطان لكما عدو واضح حقده وعداءه لكما ؟
فقالا ربنا اغفر لنا فقد ظلمنا أنفسنا
ولو لم تغفر لنا سنكون من الخاسرين المعذبين وانت خير الراحمين
ودائما المعصية تكون فيما يمتع النفس ، وفى الحقيقة ما نهى الله إلا عن مافيه ضرر للإنسان
وتلك هى العاقبة
( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين * الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا ، فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون )
وهكذا يصبح أهل النار فى ذلة يسألون أهل الجنة الماء والمأكل والمشرب فلا يستجيبون لهم
أعطونا من الماء والمأكل فيقال لهم إن الله حرمهم عليكم فقد كفرتم به وبنعمه
فقد اعتززتم بالرزق فى الدنيا وطغيتم وكذبتم وكانت الدنيا لكم زخرفا ونسيتم لقاء ربكم فى يومكم هذا
واليوم تنسون كما فعلتم فى الدنيا والجزاء من جنس العمل تتركون فى النار كما تركتم لقاء الله
.................................................. ..........................................
وأيضا كما أن المعصية على باب المتعة ، فإن الطاعة على باب أوسع من المتعة
عندما يكسر الإنسان مطالب نفسه وشهواته ، ألا يشعر بمتعة الإنتصار على النفس والشيطان
ألا تغمره سعادة الإطمئنان بأنه سلك طريق الرشاد ...
ألا يشعر باستعلاء إيمانى وعزة الإيمان ...
فهذه هى المتعة الدائمة الحقيقية ، أما متعة المعصية فهى إلى زوال