"الدعوة السلفية" إذ تذكِّر الجميع بهذه المعاني الشرعية تبدي بالغ قلقها من ظاهرة العنف التي تسرّبت إلى ثورتنا السلمية والتي بدأت بعض فصائلها في استعمال سلاح الإرهاب والترويع في وجه بعضهم البعض!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد غلَّظ الله عز وجل حرمة الدماء والأبدان والأموال ونهى عن إفسادها، فقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: من الآية 32]، وقال عز وجل: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: من الآية 190]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: من الآية 205]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» (رواه مسلم).
ثم غلظ الله حرمات فجعلها أعظم من غيرها، منها: "حرمة الكبير والعالم"، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا؛ فَلَيْسَ مِنَّا» (رواه أحمد وأبو داود، وصحّحه الألباني).
وقال عز و جل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114].
وقد كنا نتلو هذه الآية كلما تعرضت المساجد لحملات تضييق من الطغاة فيما مضى، وما ظننا أننا سوف نذكِّر بها أفرادًا من شعبنا تربوا على تعظيم المساجد ومعرفة حرمتها.
و"الدعوة السلفية" إذ تذكِّر الجميع بهذه المعاني الشرعية تبدي بالغ قلقها من ظاهرة العنف التي تسرّبت إلى ثورتنا السلمية والتي بدأت بعض فصائلها في استعمال سلاح الإرهاب والترويع في وجه بعضهم البعض!
وهذه دعوة لجميع الفصائل أن يعلنوا جميعًا:
1- أن المساجد خط أحمر لا يجوز المساس به قط.
2- كون أحد المساجد كمسجد "القائد إبراهيم" قد أصبح رمزًا للثورة لا يعني هذا تحوله إلى ساحة سباب وشتائم، بل وحرائق ومولوتوف! بل كان ينبغي أن يكون الأمر على العكس تمامًا.
3- التأكيد على المعاني الإسلامية والتقاليد المصرية الراسخة في احترام العلماء واحترام كبار السن؛ فكيف بمن جمع بين هذا وذاك مثل الشيخ "المحلاوي" حفظه الله تعالى؟!
4- التأكيد على أن الأئمة والخطباء وهم يمارسون دور التوجيه والتربية لهم حصانة تماثل حصانة الإعلاميين، بل تزيد وهذا لا يمنع من نصحهم ممن أراد أن يوجِّه لهم نصحًا أو أن يشتكي أحدهم إذا لزم الأمر إلى وزارة الأوقاف في مساجد الأوقاف أو إلى مجالس إدارات الجمعيات الخيرية في المساجد الأهلية، وفي هذا الصدد نؤكد على أن بيان موقع الشريعة من الدستور وبيان مفهوم الحرية في الإسلام هي من باب السياسية الشرعية وإن كانت ثمة تفاصيل أخرى المنبر ليس مكانًا مناسبًا لتناولها.
5- تستنكر الدعوة السلفية إحراق مقرات الأحزاب -حزب الحرية والعدالة والوفد- وكذلك مقرات الإخوان المسلمين، وتستنكر حصار مسجد "القائد إبراهيم" وتحذر من تكرار ذلك، وتدعو جميع الأحزاب أن تعلن بالقول والفعل أن خلافها السياسي لا يُحل إلا بالطرق السلمية، وأن يتبرأ كل حزب ويشجب الاعتداء على أحزاب الخصوم السياسيين بنفس الدرجة، بل أشد من إدانته للاعتداء على مقراته فإن الفتنة إذا اشتعلت أكلت الجميع.
6- التمييز بين التظاهر السلمي المكفول لكل أحد وبين محاصرة المؤسسات بما في ذلك المحكمة الدستورية وقصر الاتحادية ومدينة الإنتاج الإعلامي ومقرات الأحزاب، وينبغي أن تتعهد أي جهة تنظم اعتصامًا سلميًّا أو مظاهرة سلمية بعدم إيواء أي عناصر غير سلمية بينها تحت أي ذريعة.
7- ندعو جميع القوى إلى دراسة اقتراح بإخلاء جميع الميادين وإيقاف جميع صور التظاهر لا سيما وأن هناك استفتاءً يجري سوف تحكم نتائجه خارطة الطريق للمرحلة القادمة بإذن الله.
8- نؤكد أن مصر آمنة وستظل كذلك بإذن الله وحفظه وتوفيقه، ودعاوى الحرب الأهلية في حالة إقرار الدستور والطعن في نتيجة الاستفتاء مسبقًا كلها محاولات للقضاء على المسيرة السلمية للثورة المصرية وتدمير للديمقراطية التي ينتسبون إليها وتعريض لمصالح البلاد لمخاطر لا يستفيد منها إلا الأعداء.
نسأل الله أن يجنِّب مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن.