----
-
إخواني وأخواتي، لنستكمل سوياً هذا الحديث الذي يعبر عن مشاهد يوم الحساب امام المولى عز وجل*** يقف الناس
بين يدي الله وهم مستعدون للحساب والسؤال عن كل صغيرة وكبيرة وعن كل لحظة
في حياتهم، وسوف نستعرض القواعد التي سيحاسب بها العبد وهي ست قواعد..
إن
الحديث القدسي يقول: " يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم
إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
ونحن
الآن في يوم القيامة، يوم الحساب، والكل منتظر رب العالمين ليفصل بين
الناس بالعدل والحق.. الكل مشغول بحاله، ماذا سأقول لربي إذا سألني؟
ثم
في مشهد لا يوصف ولا نستطيع أن نصوره يقول رب العالمين: "وجاء ربك والملك
صفا صفا".. إنه مشهد مجيء الإله سبحانه وتعالى ليفصل بين الناس ويحاسبهم
على ما فات من أعمارهم وعلى أمانة الدين التي كانت بين أيديهم.
وإذا
بالملائكة تقف صفوفا وفي وسطهم الروح "جبريل" عليه السلام وقد صمتوا
جميعا، "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن
وقال صواباً".
ثم قبل الحساب هناك مشاهد لأهل الطاعة والسعادة
ومشاهد لأهل العصيان والندم.. ينادي رب العالمين الخلائق جميعاً: "إن الله
يقول يوم القيامة أين المتحابون في جلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل
إلا ظلي"..
ما أسعد هؤلاء المتحابين الذين يعينون بعضهم البعض
على طاعة الله وهم يخرجون من وسط الناس ليمشوا ويصلوا إلى عرش ملك
الملوك!! ثم يأمر الله نبيه أن يُخرج من الناس سبعين ألفاً أو قيل سبعمائة
ألف.... لماذا؟ ليدخلوا الجنة بدون حساب.. الله اجعلنا منهم...
ولكن..
هل سيختارك النبي منهم؟؟ هل يحبك النبي!!! هل تحب أنت النبي صلى الله عليه
وسلم؟؟... ماذا تعرف عنه وعن حياته عليه الصلاة والسلام؟؟؟ اللهم اجعل
رسولك يحبنا... آمين..
ثم ينادي الله على سبعة أصناف من الناس
ليأتوا ويتركوا أرض المحشر وهذا الزحام والعرق والحر ليقفوا في ظل عرش
الرحمن. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل
إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد،
ورجلان تحابا في الله فاجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً
ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة (إلى الفحشاء) فقال إني أخاف الله، ورجل
تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه".
اقرأ هذا
الحديث جيداً بقلبك وهيا لنكون ولو واحدا من هذه الأصناف حتى نحشر يوم
القيامة في ظل عرش الرحمن، فلا تعب ولا حر ولا حزن ولا خوف... إنه أمان من
الرحمن.
ثم ينادي الله نداء عظيماً رهيباً يسمعه كل الخلائق فيقول
لهم: "ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد". وتخيل معي أناسا كثيرين يبقون بين
يدي الله فقد كانوا يعبدونه، بينما يقف غيرهم خلف الشيطان الذي استمعوا
لكلامه ومشوا وراءه دون أن يقاوموه، ومن الناس من يقف خلف المال الذي كان
يعيش ويكذب ويسيء لغيره من أجله، ذلك المال الذي كان يحبه أكثر من حبه لرب
العالمين.
وتخيل مثلا أن نجد من يقف خلف التليفزيون!! لا تتعجبوا
من كلامي هذا فهذا الجهاز سلاح ذو حدين، ففيه خير كثير ومنافع للناس ولكن
معاصيه أيضاً كثيرة، وما يشغل عن الله فيه كثير وما يغضب الله منه كثير
أيضاً فإياك أن تحبه أكثر من ربك فلا تشاهد فيه ما يغضب ربك أو يشغلك عن
حقوق الله من صلاة أو بر للوالدين وخدمة للناس ومساعدتهم.
ثم تسمع
واحدا يأتي من بعيد يحشر إلى الله وهو يقول: "لبيك اللهم لبيك"... من هذا؟
إنه مات مُحرِما، مات في الحج أو العمرة فيبعث على ما مات عليه... اللهم
اجعلنا منهم.
ثم انظر لحال تارك الصلاة وهو يقف في الظلام خائفا من
سؤال الملك العلام الذي دعاه فقط لخمس صلوات فلم يجب لأنه كان مشغولاً عن
ربه بأي عذر من الأعذار التي نعلمها جميعاً، واقرأ معي هذا الحديث: "من
حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها
لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون
وهامان وأبي بن خلف".
ثم تجد أناساً يقفون في النور مستبشرين بهذا النور العظيم مؤمنين بأن الله راض عنهم... من هم؟؟
يقول
النبي: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة". إن
هؤلاء هم الذين كانوا يصلون في المسجد ويحافظون على صلاة الفجر في المسجد،
فما أسعدهم في الدنيا والآخرة! اللهم اجعلنا منهم.
ثم وللأسف تجد
أناساً في حجم النمل يدوسهم الناس بأقدامهم.. من هؤلاء؟ إنهم المتكبرون
الذين كانوا يعاملون الناس بكبر وغدر، يبعثهم الله في هذه الصوره الذليلة
مثل النمل يدوسهم الناس بأقدامهم.. اللهم ارزقنا التواضع لك ولخلقك..
ثم
تجد أقواماً يأكلون جثثاً ميتة منتنة.. من هؤلاء؟ إنهم من كانوا يتكلمون
عن الناس في ظهرهم.. إنهم الذين يغتابون الناس ويتكلمون عنهم من وراء
ظهورهم بكلام يسيء إليهم. يقول سيدنا "أبو هريرة" -رضى الله عنه- إن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب إليه يوم
القيامة، فيقال له كله ميتاً كما أكلته حياً فيأكله فيكلح ويصيح".
ثم
ترى أناساً في سعادة وليس عليهم كرب يوم القيامة، وليس بهم حزن ولا خوف..
أتدري من هم؟؟ إنهم أهل الخير.. قال النبي: "من نفـّس عن مؤمن كربة من كرب
الدنيا نفـّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله
في الدنيا والآخرة، وإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه".
ثم تجد إناساً يحملون أعلاما كبيرة مكتوب عليها: هذه غدرة فلان... من هؤلاء؟
يقول
عنهم النبي: "إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال ألا هذه غدرة
فلان". فيا أيها الذي وعدت فتاة بالزواج ثم غدرت بها احذر من هذا المشهد
وتب إلى الله. اللهم لا تجعلنا منهم.
كل هذا ولم يبدأ السؤال.. إنما هذه المشاهد فقط ليتفرق الناس كل صنف على حده حتى يبدأ سؤال الله لهم جميعاً..
فاللهم اجعلنا في الدنيا صالحين وفي الآخرة مطمئنين وفي الجنة ساكنين وعن النار مبعدين، آمين يا رب العالمين