زيارة الطبيب يجب ألا تكون فقط عند المعاناة من ألم مبرح أو عند المرض الفعليّ،
لا بل يجب تخصيص بضع زيارات «معاينة» أو Check Up للتأكّد من سلامة الجسم برمّته.
كما أنه على المرأة بالتحديد أن تزور أكثر من طبيب سنوياً من مختلف الإختصاصات.
فزيارة طبيب الأمراض النسائية لا تقتصر على الحامل،
بل يجب الخضوع لفحوص دورية لتجنّب المضاعفات التي لا تُحمد عقباها، إضافةً إلى زيارة إختصاصيّ للعناية بالبشرة التعبة أو طبيب غدد وهرمونات، خاصة بعد إنقطاع الطمث. ناهيك بأنّ الإختصاصيّ في الصحة العامة هو من يجب أن يرافق الجميع، رجالاً ونساءً، للسهر على صحتهم الجيّدة. ويمكن زيارته مرّتين سنوياً للقيام بفحوص عامة.
كثيرة هي الأمراض والإلتهابات التي يمكن أن تحدث في الجسم البشري.
بيد أنّ للنساء حيّزاً لا يُستهان به.
فما هي أكثر الأمراض شيوعاً عند النساء؟
وكيف يمكن الوقاية منها أو علاجها في حال حدوثها؟
ينقسم الطبّ النسائي إجمالاً إلى شقّين كبيرين: الحمل والأمراض النسائية. وفي ما يُعتبر القسم الأوّل مرحلة طبيعية في حياة معظم النساء، فإن الأمراض ليست كذلك، ويمكن بالتالي تفاديها، أو على الأقلّ التخفيف من وطأتها وحدّتها.
«إجمالاً، لا تزال الرهبة تسيطر إبّان التوجه الى طبيب إختصاصيّ في الأمراض النسائية، إذ تظنّ السيدة أنه فقط يستقبلها أثناء مرحلة الحمل أو عند وجوب القيام بجراحة نسائية أو لدى معاناتها من وجع متكرّر ومؤلم.
لكن هذا الأمر غير صحيح!
إذ يجب زيارة الطبيب للمعاينة والكشف المبكر عن كلّ ما قد يصيب السيدة. والإكتشاف في مرحلة مبكرة قد ينقذ حياتها ويوفّر عليها الكثير من المعاناة".
# إلتهابات نسائية
تقسّم «الإلتهابات النسائية إلى شقّين: علويّة تطال عنق الرحم والأنابيب والمبيض، وسفليّة تطال المهبل والخارج. كما تقسّم الإلتهابات السفلية بدورها إلى ثلاثة مسبّبات هي الفطريات Fungus والبكتيرياBacterial Vaginosis والبارازيت Trichomonasis. ما يجمع بين هذه الإلتهابات هو ظهور إفرازات واحتمال الحكاك، مصحوبة برائحة وألم سطحيّ أحياناً».
حسب الجمعية العمومية الأميركية للأمراض النسائية، فإنّ الإلتهابات البتكيرية أكثر شيوعاً من سواها. وهي نوع إلتهاب بسيط، يعطي رائحة وإفرازات رماديّة اللون، يعود سببها إلى بكتيريا موجودة أصلاً في المهبل، لكنها سرعان ما تكبر وتتكّاثر بسبب تغيّرات في الجسم أو تناول المضادات الحيوية التي تخفف المناعة أو الرطوبة أو حتى قلّة النظافة في أحيان نادرة.
أمّا في منطقة الشرق الأوسط، فأنّ «أكثر الإلتهابات شيوعاً هي تلك الفطرية منها وأبرزها الCandida التي تتطفّل على الجسم من دون أعراض قويّة، سوى بعض الإفرازات البيضاء السميكة المقرمشة. وهذا النوع من الإلتهابات يطال الجميع، من فتيات صغيرات إلى نساء إلى سيّدات بعد إنقطاع الطمث. وابرز المسبّبات أيضاً تناول المضادات الحيويّة بكثرة أو التغيّرات الهرمونية في الجسم».
وأما النوع الثالث المسبّب للإلتهابات النسائية، فهو «البارازيت Trichomonasis الذي يؤدّي إلى حريق وألم وحكّة، مترافقة مع إفرازات شفافة».
«أمّا الإلتهابات العلوية، فغالباً ما تكون أمراضاً منقولة جنسياً المعروفة بال STD (***ually transmitted diseases). كما يمكن أن تتعرّض المرأة لإلتهابات بول بسبب بكتيريا الE- Coli في المخرج، بسبب طريقة الغسل الخاطئة أو حسر البول أو عدم شرب كميات كافية من الماء، أو حتى بسبب وجود حصى أو مشاكل أخرى في الكلى».
# وقاية وعلاج
أنّ «الوقاية أفضل من العلاج.
فيجب تناول دواء يحمي من الإلتهاب عند تناول المضادات الحيوية لفترة طويلة، خاصة عند الفتيات الصغيرات. كما علينا أن نعلّم أولادنا منذ الصغر كيفية المسح من الأمام إلى الخلف، وتعليمهم عدم الجلوس مباشرةً على كرسي الحمام في الأماكن العامة. كما أنّ المعقّمات والAntiseptic ممنوعة لغسول الفتيات الصغريات.
من جهة أخرى، عندما تكبر الفتاة أو تبلغ، يجب التشديد على وجوب إستخدام غسول خاص للمنطقة الحساسة وليس صابونة. كما من المفضّل إرتداء ملابس داخلية قطنية قابلة للغلي، ويجب تخصيص منشفة لكلّ سيدة للمنطقة الحساسة وعدم مشاركتها مع أحد».
ويجب تفادي الرطوبة والتنشيف جيّداً. ويجب الحذر من المسابح العامة والجاكوزي والمناشف.
وبعد سنّ الخمسين، يجب السيطرة على الرطوبة وإستعمال غسول خاص يحترم PH المهبل، لأنّ الجفاف قد يؤدّي بدوره إلى إلتقاط الإلتهابات.
# في ما خصّ العلاج
«يمكن إستخدام شامبو وكريم خارجي، مع كورتيزون أو بدونه، إضافة إلى غسول خاص بالإلتهاب عند الفتيات. وأمّا عند السيدات، فيمكن إستعمال حبوب وكريم وحتى تحاميل مهبليّة».
ويجب التشديد على قول الحقيقة كاملة وعدم الخجل عند الإستشارة ليعرف الإختصاصيّ ماذا يجب أن يصف.
فالرائحة الكريهة والإفرازات ليست بأمر يمرّ مرور الكرام ما لم يتمّ علاجها. لذلك، إنّ إستخدام العلاج المناسب يقي من معاودة الكرّة ومن إمكان عدوى الشريك وتفاقم الحالة إلى مرض».
الدورة الشهرية والسرطانات النسائية
إنّ الأمراض النسائية الأكثر شيوعاً التي تصادف السيدات هي الإلتهابات والإفرازات المهبليّة.
«قد تعاني المرأة من اضطرابات في الدورة الشهرية، من حيث توقيتها أو غزارتها أو من حيث أعراضها الجانبية مثل البثور والوبر الزائد وحتى الألم.
ويمكن أن يكون من أسباب الاضطراب وجود تكيّسات على المبيضين أو تليّف». لذلك لا بدّ من الخضوع للفحوص والمعاينة والتصوير Echo.
وأنه «من الممكن تناول أدوية تخفف من وطأة الوجع أثناء الدورة الشهرية، كما قد يضطرّ الطبيب لوصف عقاقير لتنظيم هذه الدورة. لكن نشدّد على وجوب المعاينة وإستشارة الطبيب المختصّ قبل الإقدام على أخذ «الوصفات» من الصديقة والجارة!
كما أنّ إتباع الإرشادات من نظافة وإستخدام الغسول المناسب وسواها، من شأنها أن تسهّل هذه الفترة التي تمرّ بها السيدة شهرياً خلال سنوات عديدة من عمرها». أمّا في ما خصّ السرطانات، فإنّ السرطان الأكثر شيوعاً ولكنه ليس بمميت، فهو سرطان الثدي الذي يمكن الكشف المبكر عنه من خلال الMammography. وأما أكثر نوع مميت فهو سرطان بطانة الرحم، يليه سرطان عنق الرحم، فسرطان المبيض. وحتى الآن، لا سبب
واضحاً للإصابة بها سوى عامل الوراثة والسموم في الأكل.
أنه «يوجد الآن لقاح ضدّ سرطان عنق الرحم الذي يسبّبه الHPV فيروس وهو يحمي منذ سنّ التاسعة وحتى السادسة والعشرين. ويمكن الكشف المبكر عنه من خلال فحص القزازة Pap smear.
نصيحة!
«إنّ زيارة الطبيب النسائيّ لا تقتصر على الحوامل أو على السيدات المتزوجات واللواتي يعانينَ من مشكلة،
بل إنها للوقاية ويمكن أن تؤدّي إلى الكشف المبكر للمرض لتسهيل عمليّة العلاج».
لا تخافوا من الطبّ وإستشيروا طبيباً ثانياً في حال عدم إقتناعكم برأي الأوّل.
«من المهمّ التوعية المبكرة حول النظافة الشخصية، خاصة عند الفتيات الصغيرات، حتى تتعلّم كيفيّة التعامل مع التغيّرات البيولوجيّة التي تطال جسمها. ويجب عدم تفضيل الصابون المعطّر والتجاريّ على الغسول الطبّيّ للمنطقة الحميمة. كما يجب تناول عقاقير للحماية في حال تناول المضادات الحيوية، خاصة عند الفتيات والسيدات».
الدكتور سعيد ابوتقي