احلى العرب
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Hh7net10
احلى العرب
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Hh7net10



style
date 08.12.15 14:09
date 13.11.15 3:21
date 22.10.15 12:35
date 03.10.15 22:56
date 05.09.15 22:43
date 03.05.15 13:27
date 03.05.15 12:02
date 02.05.15 23:49
date 02.05.15 23:41
date 29.04.15 19:41
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style
مرحباً بك زائر [ خروج ]
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Avator10

صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Addthi10صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Email10صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Printe10

صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام

rami sayed
vp
rami sayed
vp
الدوله : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 1559
سجل فى : 08/07/2011
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Empty
http://www.ahlaarab.com
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Clock11 17.03.12 20:58

صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام


صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا بحث تم تجميعه لكى يتتضح لكل فرد ماهى صفات ووظائف الحاكم او ولى الامر فى الاسلام ومن من المتقدمين لانتخابات الرئاسة تتوفر فيه الشروط لاقامة دولة اسلامية بعيدا عن تحريفات حزبى الحرية والعدالة الاخوانى وحزب النور السلفى وفى البداية اقدم ملخصا للبحث
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام
اقامة ولى الامر
-ويسمى إمام المسلمين أو الخليفة- واجب من واجبات الدين، ومن أهمها، لما يترتب عليه من صلاح الدين والدنيا في المجتمع المسلم.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين لا قيام إلا بها".
وإذا كان واجباً من واجبات الدين فهو شعيرة من شعائر الإيمان التي كلفت بها الجماعة، وعلى ذلك كان دور الإمام وأعوانه في صيانة المجتمع المسلم من الأفكار المنحرفة وسائر الفساد أثراً من آثار الإيمان. وقد دل على وجوب تنصيب الإمام نصوص من الكتاب والسنة والإجماع، منها:
قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ... ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية "
وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم احدهم

وظائف الإمامة ومقاصد الحكم،
ضوابط الإمامة في المجتمع المسلم
اولا: (العلم)
يشترط للإمام أن يكون عالماً بالأحكام الشرعية، لأنه مكلف بتنفيذها، والعلم مقدم على العمل
ويتأكد على السلطان أن يعرف المقصود بالولاية وأنه: "إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم
فوظيفة الإمام نوع من أنواع الجهاد، بل لا يقوم الجهاد إلا بها، فهو الذي يعقد الألوية، ويسيّر الجيوش، فإذا كان كذلك فغاية الإمام هي غاية المجاهدين وهي: أن تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين لله. فمنصب الإمامة عبادة يتقرب بها إلى الله، يلزم فيها إصلاح النية، وبذل المستطاع في القيام بها.
ثانياً: استعمال الأصلح.
ولاية أمر الناس أمانة عظيمة، وحيث إنه لا يستطيع شخص واحد -مهما أوتي من قوة وعلم- أن يقوم بجميع مهامّها، لذلك وجب عليه أن يسند أمورها إلى ولاة يعينونه على القيام بها، وبذلك يتحملون هذه الأمانة معه كل فيما أسند إليه، وعليه في ذلك أن يولّي الأصلح الذي هو أهل لحمل تلك الأمانة.
والأصل في ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:58،59] .
اداء الامانة والحكم بالعدل من جهة ولى الامر
السمع والطاعة من جهة الرعية فى غير معصية للخالق جل وعلا ورد التنازع بين الحاكم والمحكومين الى الله والرسول اى كتاب الله وسنة رسوله
البعد كل البعد عن تولية الكفار والمنافقين المناصب فى الدولة الاسلامية
: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [الأحزاب:1-3] .
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران:100] .
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [آل عمران:149] .
وقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:109] .
هذا فى الكافرين اما بالنسبة للمنافقين فيوضح القران خطرهم ايضا على المجتمع الاسلامى
قال تعالى في معرض بيان حال المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:14، 15] .
وقال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52] .
ثالثاً: المشاورة.
والمقصود أن مشاورة ولي الأمر لأهل العلم والعقل والتجربة والاختصاص في النوازل والأمور الهامة، أمر لا غنى عنه، وهو حصن تتحصن به الأمة من عواقب الاستبداد بالحكم والقرار الذي يفتح عليها ثغرات خطيرة، قد لا يدركها ولي الأمر، وإنما بالمشاورة ينبه إليها.
"فمبدأ الشورى من أهم مقومات الحكم في الإسلام، به نطق القرآن وجاءت به السنة، وأجمع عليه الفقهاء، وهو حق للأمة وواجب على الخليفة"
فقال: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159]
{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظائف الإمامة، ومقاصد الحكم
ومن اهم وظائف الامام هى حماية دين الأمة وصيانته، وأن ذلك من أهم مقاصد الحكم، ومن ذلك مكافحة الأفكار الهدامة وقمع مروجيها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فالمقصود الواجب في الولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم"
وقال الماوردي: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا"
وعلى ما تقدم يتبين أن وظائف الخلافة، ومقاصد الحكم تجمل في مقصدين هامين:
الأول: تنفيذ الدين بإقامة فرائضه وشرائعه، وبسط أحكامه وحدوده في كافة المجالات وسياسة الدنيا به.
الثاني: الدفاع عنه وحراسته، من الأفكار المخالفة، والأهواء الجامحة والبدع المحدثة التي هي أساس الفساد، وبواعث التنازع والفرقة.
قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البحث بالتفصيل


إقامة ولي الأمر
-ويسمى إمام المسلمين أو الخليفة- واجب من واجبات الدين، ومن أهمها، لما يترتب عليه من صلاح الدين والدنيا في المجتمع المسلم.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين لا قيام إلا بها".
وإذا كان واجباً من واجبات الدين فهو شعيرة من شعائر الإيمان التي كلفت بها الجماعة، وعلى ذلك كان دور الإمام وأعوانه في صيانة المجتمع المسلم من الأفكار المنحرفة وسائر الفساد أثراً من آثار الإيمان. وقد دل على وجوب تنصيب الإمام نصوص من الكتاب والسنة والإجماع، منها:
قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ... ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية "
وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم احدهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظائف الإمامة ومقاصد الحكم،
اولا
ضوابط الإمامة في المجتمع المسلم
والمراد بهذا المبحث بيان الأمور التي بمراعاتها ينضبط أمر الإمامة وتصبح حصناً فعالاً قوياً.
إن قيام ولي الأمر ودولته بالدور الأكمل في حماية المجتمع وسلامته لا يتم إلا إذا توفرت فيه مقومات الحكم والاستخلاف.
فمع كونه رجلاً مسلماً حازماً قوياً، عدلاً عادلاً، عارفاً بأمور السياسة وشؤون الحكم، جريئاً على إقامة حدود الله لا تأخذه في الله لومة لائم، شجاعاً ذا دراية بمصالح الأمة وسبل تحقيقها، مع حرصه عليها وتقديمه لها1، مع ذلك كله لا بد من مراعاة أمور تعتبر أساسية في صلاح ولي الأمر وقيامه بمهام الحكم من أهمها:
اولا: (العلم)
يشترط للإمام أن يكون عالماً بالأحكام الشرعية، لأنه مكلف بتنفيذها، والعلم مقدم على العمل
ويتأكد على السلطان أن يعرف المقصود بالولاية وأنه: "إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم
فوظيفة الإمام نوع من أنواع الجهاد، بل لا يقوم الجهاد إلا بها، فهو الذي يعقد الألوية، ويسيّر الجيوش، فإذا كان كذلك فغاية الإمام هي غاية المجاهدين وهي: أن تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين لله. فمنصب الإمامة عبادة يتقرب بها إلى الله، يلزم فيها إصلاح النية، وبذل المستطاع في القيام بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فالواجب اتخاذ الإمارة ديناً وقربة يتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات.
ومع علم ولي الأمر بمقصد الولاية وغايتها، ومعرفة الأحكام الشرعية، والأساليب الوسائل التي تحققها لا بد من معرفة أعداء الأمة، وما ذكر الله من عداوتهم وأساليبهم في الكيد للإسلام وأهله، ومعرفة الفرق والحركات المنحرفة التي ظهرت في عصور الإسلام، والأساليب التي سهلت عملها، بقصد أخذ العبرة والحيطة والحذر من تكرارها، ومعرفة لأساليب التي تسلل من خلالها المنافقون والمبتدعون إلى الحكام حتى تمكنوا من تمرير بعض شرهم من خلال سلطانه، ومعرفة الأخطار والتحديات المعاصرة، والاستعداد لمجابهتها بالخطط المضادة التي تحصن المجتمع وتحاربها وتقمعها.
وفي الجملة فإن على الإمام أن يكون عالماً بأهداف المجتمع المسلم، وسبل تحقيقها، عازماً متحمساً للعمل من أجل ذلك، كما يكون عالماً بالأخطار التي تهدده، وسبل مقاومتها والخلاص منها، مندفعاً إلى الأخذ بهذه السبل بكل ما أوتي من حيلة وقوة.
وحيث إن الإحاطة بهذه العلوم وتنفيذها، يحتاج إلى جهد عظيم يصعب تحققه في شخص واحد، فقد نص أهل العلم على أن تقريب العلماء وأهل الاختصاص يكمل قصوره في ذلك

ثانياً: استعمال الأصلح.
ولاية أمر الناس أمانة عظيمة، وحيث إنه لا يستطيع شخص واحد -مهما أوتي من قوة وعلم- أن يقوم بجميع مهامّها، لذلك وجب عليه أن يسند أمورها إلى ولاة يعينونه على القيام بها، وبذلك يتحملون هذه الأمانة معه كل فيما أسند إليه، وعليه في ذلك أن يولّي الأصلح الذي هو أهل لحمل تلك الأمانة.
والأصل في ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:58،59] .
فالآية الأولى: بيّنت ما يجب على الحكام والأمراء ومن في حكمهم على وجه الإجمال، وهو أداء الأمانات والحكم بالعدل.
والثانية: بينت ما على الرعية من السمع والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر، وأمر ثالث يشترك فيه الطرفان، وهو ردّ الأمر عند النزاع إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "قال العلماء: نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور، عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم، عليهم أن يطيعوا أولي الأمر الفاعلين لذلك، في قسمهم وحكمهم ومغازيهم، وغير ذلك، إلا أن يأمروا بمعصية الله تعالى، فإذا أمروا بمعصية الله تعالى، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة.
وأداء الأمانات عام لجميعها، قال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، ومن حقوق الله عز وجل على عباده ... وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض
وإسناد الأمر إلى أهله وتولية الأصلح، وعدم اعتبار القرابة، أو الصداقة أو أي اعتبار آخر في الولاية أمر داخل ضمن عموم الأمانات التي أمرت الآية بأدائها؛ إلا أنه متأكد من جهة انه من أعمال الحكام الذين خاطبتهم الآية في المقام الأول.
قال ابن تيمية رحمه الله: "أما أداء الأمانات ففيه نوعان: أحدهما الولايات، وهو كان سبب نزول الآية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وتسلم مفاتيح الكعبة من بني شيبه طلبها منه العباس1 ليجمع له بين سقاية الحاج، وسدانة البيت، فأنزل الله هذه الآية2 فأعاد مفاتيح الكعبة إلى بني شيبه، فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين، أصلح من يجده لذلك العمل
وعلى ذلك عليه أن يجتهد في البحث عن المستحقين للولايات، من نوابه على الأمصار والوزراء والقضاة ومدراء المصالح العامة، ورؤساء العشائر، وأمراء الجند الصغار منهم والكبار، وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده
والميزان الذي يوزن به العمال هو: القوة والأمانة، والعلم والتقوى.
قال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص:26] .
وقال: {قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة:247] .
ويختار الأمثل فالأمثل، ويستعان بأهل العلم والرأي والفضل في التعرف عليهم.
ولا يجوز أن يكون المعيار هو القرابة أو الصداقة أو غير ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره لأجل قرابة بينهما، أو ولاء عتاقة أو صداقة، أو موافقة في بلد أو مذهب أو طريقة، أو جنس كالعربية والفارسية والتركية والرومية، أو لرشوة يأخذها منه من مال أو منفعة، أو غير ذلك من الأسباب، أو لضغن في قلبه على الأحق، أو عداوة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، ودخل فيما نهى عنه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27]
ومن المعايير التي جدت في زماننا بالإضافة إلى ما ذكره شيخ الإسلام تولية المناصب الوزارية أو الإدارية وغيرها من الولايات الهامة بالشهادات أو بسبق الطلب، والتقدم للوظيفة، دون التمييز بالصلاح والكفاءة من جهة القوة والأمانة.
فالشهادة تدل على العلم المهني أو الشرعي، ولكن لا تدل على الأمانة والقوة والتقوى، وهي أمور مقدمة، لذلك كان الواجب اختيار
من توفرت فيه هذه الأمور مجتمعة: فيكون حائزاً على الشهادة في التخصص الذي يسند إليه، مع معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة به، وثبت بالتزكيات من الثقات أمانته وتقواه، ويبتلى لمعرفة قوته وحزمه في القيام بما يسند إليه.
وإذا لم تتوفر مجتمعة قدّم أهل الأمانة والقوة والتقوى بشرط علمهم بما يسند إليهم ولو دون شهادة، أو يعلمون ما يحتاجون إليه بعد الاختيار، مع تزويدهم بالأعوان والمساعدين المهرة المتخصصين، فيكملون نقصهم.
وهذا الواجب على ولاة الأمر -وهو تولية الأصلح- حصن ودعامة يقوم عليها سلامة المجتمع بانتشار العدل، ووصول الحقوق إلى أهلها، واستقامة أمور الناس العامة والخاصة على الهدى، وبذلك يقطع الطريق أمام كل فكر خبيث، أو تخطيط ماكر يستهدف تقويض أركان المجتمع المسلم، حيث إن كل صاحب ولاية على ثغرة من ثغرات المجتمع الإسلامي، عالم بدوره، مخلص صادق في تنفيذه والدفاع عنه، قوي على ذلك، فأنى يجد الشر إلى المجتمع سبيلاً؟.
وإذا اختل هذا الأمر وضيعت هذه الأمانة، وأسندت الأمور إلى غير أهلها، حصل خلل عظيم في المجتمع المسلم، وفتحت ثغرات خطيرة تمهد السبيل لأعداء الأمة للتسلل إليه للفساد والإفساد، وترويج الأفكار الهدامة، والسلوك المنحرف.
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة " قال1: كيف إضاعتها يا رسول الله. قال: " إذا أسند الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة
فقد بين صلى الله عليه وسلم أن من علامات قرب الساعة تضييع الأمانة بإسناد الأمر إلى غير أهله، ومعلوم أن الساعة لا تقوم إلى على شرار الخلق، الذين انتشر الجهل بينهم والفساد، وبذلك يكون إسناد الأمر إلى غير أهله من أسباب فساد الناس في آخر الزمان.
وسر ذلك أن الأمور إذا لم تسند إلى أهلها فإنها تسند إلى الجهال أو السفهاء أو الضعفاء أو إلى الخونة والمنافقين.
فالجهال والسفهاء يخبطون في أعمالهم بلا هدى، ويضعون الأمور في غير مواضعها، وقد يفسدون وهم لا يشعرون، وكثيراً ما يغرر بهم ويخدعون من طائفة المنافقين والحاقدين.
أما الضعفاء فإنهم عاجزون عن تنفيذ ما يرونه صالحاً، ويغلبون على
أمرهم فيبقى الحق الذي أمروا به بعيداً عن التنفيذ، ويظهر الفساد والمنكر في أعمالهم ويضعفون عن إزالته، وهذه ثغرة اجتماعية خطيرة ليس لها إلا أهل الحزم والقوة والعلم والديانة.
أمّا المنافقون فهم الشر المستطير، ومنهم الضرر الكبير، وشرهم حاصل للجماعة المسلمة دون أن يتولوا من أمورها شيئاً، فكيف إذا أسندت بعض الأمور الهامة إليهم. فتلك قاصمة الظهر، وسوسة النخر.
قال تعالى محذراً من طاعتهم ومشاورتهم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [الأحزاب:1-3] .
قال ابن كثير رحمه الله: "قوله تعالى: {وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} أي لا تسمع منهم ولا تستشرهم {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي فهو أحق أن تتبع أوامره وتطيعه، فإنه عليم بعواقب الأمور، حكيم في أقواله وأفعاله، ولهذا قال: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} أي من قرآن وسنة {إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} أي فلا تخفى عليه خافية {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} أي في جميع أمورك وأحوالك {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} أي وكفى به وكيلاً لمن توكل عليه وأناب إليه
فبعد أن نهاه الله عن طاعة الكافرين والمنافقين، أمره باتباع الوحي النازل من العليم الحكيم الخبير، ففيه النور والهداية والرشاد.
وأرشده للتوكل عليه وحده، وتفويض الأمور إليه، وتعلق القلب به في التسديد والتوفيق لما فيه صلاح الدين والدنيا، وفي ذلك إشارة إلى عدم تعلق القلب أو رجاء الهداية من أعداء الله مهما كان عندهم من العلم، أو أظهروا من النصح فلا يولون ولا يستشارون، بل يحذرون ويجتنبون.
وقد بيّن الله العلة من النهي عن طاعة الكافرين والمنافقين، وهي كونهم يضمرون الشر لأهل الإسلام ويخططون لإخراجهم من دينهم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران:100] .
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [آل عمران:149] .
وقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:109] .
فإذا كان هذا هو حال الكفار عموماً، واليهود والنصارى خصوصاً يعملون جاهدين لصدّ المسلمين عن دينهم، فالمنافقون هم الجسر الذي يتوصلون من خلاله إلى المجتمع المسلم، وينفذون بواسطتهم أفكارهم الخبيثة ومخططاتهم الشريرة.
قال تعالى في معرض بيان حال المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:14، 15] .
قولهم: {إِنَّا مَعَكُمْ} أي: "على مثل ما أنتم عليه" فهم مع الكفار مشاركين لهم في الكفر وعداوة الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وفي الكيد للإسلام وأهله.
وقال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52] .
قال ابن كثير رحمه الله: "وقوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} أي شك وريب ونفاق {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} أي يبادرون إلى موالاتهم في الباطن والظاهر {يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} أي يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع من ظفر الكافرين بالمسلمين، فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى فينفعهم ذلك"
فالمنافقون يتخذون عند اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار أيادٍ يرضونهم ويتحببون بها إليهم، فيُسدون لهم الخدمات، ومن أعظمها مساعدتهم في التجسس على المسلمين، وتمرير خططهم وكيدهم إلى جسد الأمة الإسلامية، والذي يعتبر ضرباً فعّالاً في حرب الكافرين للمسلمين، يستهدف زعزعة الجبهة الداخلية، وانحلال أسباب قوتها وتماسكها، فيسهل الظفر بها، فيخرجوا من قدروا عليه من المسلمين من دينه، كما هو حالهم في كثير من البلاد التي احتلوها.
قال تعالى: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:217] .
والحق أن الكفار لا يريدون من المنافقين أكثر من هذا، وفي المقابل يقدمون للمنافقين الكثير من المال، ومتاع الدنيا.
والمنافقون مع كونهم ثغرة في حصن المجتمع المسلم تنفذ من خلالها الشرور الخارجية، فهم في حد ذاتهم منبع شر وضرر وفساد للمجتمع لما اتصفوا به من إشاعة الشبهات، ومحبة ظهور الفاحشة في الذين آمنوا، وأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف.
قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة:67] .
لذلك كانت تولية الكفار أو المنافقين المناصب الهامة- كالوزارات أو الإدارات أو وظائف التخطيط، أو التعليم، أو اتخاذهم مستشارين لولي الأمر، أو عُمّاله أو تقريبهم بأي شكل من الأشكال، كالمنادمة أو المصاهرة -يعتبر من الخيانة للأمانة، وهو خرق عظيم في حصن المجتمع المسلم، وسوف يناله به فساد ذريع، ومن أخطر نتائجه الترويج للأفكار الهدامة وزخرفتها بدعم من المنافقين الذين اشتدت شوكتهم بتقريب ولاة الأمر لهم.
وكم حرص الكفار والمنافقون على التقرب لولاة الأمر وأعوانهم بشتى الوسائل، فتعلموا المهن النادرة: كالطب والصناعة ونحوها، وانتحلوا الشعر والظرافة للمؤانسة والمنادمة، وتسللوا إلى بيوتهم بإهداء الجواري الحسان، والخادمات الماهرات، أو عن طريق المصاهرة وهو أخطرها.
وإذا فتح لهم المجال إلى الولاة، ولو قليل استغلوه أسوأ استغلال، وكانت خطوتهم الأولى هي التقليل من شأن العلماء بأساليب متنوعة، وإيحاءات ماكرة، فيصفونهم بالانزواء وعدم الانفتاح، والتشدد والبعد عن حياة الناس، والجهل بأمور السياسة، وأنه لا ينبغي استشارتهم إلا في أمور العبادات فقط.
وفي المقابل يشيرون عليهم بتولية أشخاص مشبوهين يعرفون عنهم النفاق، ويطمعون في ظل ولايتهم في الانطلاق في أهوائهم ومخططاتهم المعادية للإسلام.
وهكذا شيئاً فشيئاً حتى يكثر عددهم ويتفاقم شرهم، فيستحوذون على السلطان، ويصيب الإسلام منهم أعظم الرزايا، كما حصل في عهد هارون الرشيد عندما استولى أبناء فارس من البرامكة وغيرهم على الوزارات وقيادة الجيوش، وكثرت نساؤهم في بيوت الخليفة وأبنائه وأقاربه: من زوجات، وأمهات أولاد، وخادمات ومربيات، وولد لهارون ابنه المأمون من جارية فارسية، وتربى في كنف أخواله من أبناء وبنات الفرس، ثم آلت الخلافة إليه فحصل للأمة بسببه فتنة عظيمة، فقمع أهل السنة وعزلهم عن مناصب القضاء والفتيا، ومنعهم من التدريس، وحملهم على القول بخلق القرآن، وتعطيل صفات الباري عز وجل، وما نجم عن ذلك من تعذيب وسجن وقتل عدد من علماء الأمة وفضلائها، وعلى رأسهم إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله الذي سجن بأمر المأمون، وجلد في عهد المعتصم، ولا حول ولا قوة إلا بالله
وفي مقابل ذلك مكن المأمون أهل البدعة من المعتزلة والشيعة والفلاسفة، وشجع ترجمة كتبهم، فكانت أعظم فتنة فكرية جابهت الإسلام من داخله، ودُعِمت من خليفة المسلمين، بفعل تخطيط أعداء الإسلام الطويل الأمد

ثالثاً: المشاورة.
والمقصود أن مشاورة ولي الأمر لأهل العلم والعقل والتجربة والاختصاص في النوازل والأمور الهامة، أمر لا غنى عنه، وهو حصن تتحصن به الأمة من عواقب الاستبداد بالحكم والقرار الذي يفتح عليها ثغرات خطيرة، قد لا يدركها ولي الأمر، وإنما بالمشاورة ينبه إليها.
"فمبدأ الشورى من أهم مقومات الحكم في الإسلام، به نطق القرآن وجاءت به السنة، وأجمع عليه الفقهاء، وهو حق للأمة وواجب على الخليفة"
قال ابن تيمية -رحمه الله-: "لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فإن الله أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159]
ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه: "ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله
وامتدح الله جماعة المؤمنين بالتزامهم بهذا المبدأ الهام، فقال: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38] .
وأولى الناس بالمشورة العلماء أهل الذكر، الذين عرفوا أحكام الشريعة وحدود الله، ودرسوا ما في الكتاب والسنة من الحكم والعبر والسنن، واستناروا بنورهما.
قال البخاري -رحمه الله-: "وكان الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة، ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب والسنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال أيضاً: "وكان القراء أصحاب مشورة عمر كهولاً وشباناً، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل
فواجب على الإمام تقريب العلماء واستشارتهم في الأمور المهمة من أمور الدين والدنيا.
وإذا استشارهم في أمور الدين، فإن بين له بعضهم ما يجب اتباعه من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع المسلمين، فعليه اتباعه ولا طاعة لأحد خلاف ذلك1. فإن من أهداف المشورة اتضاح الحكم إذا كان خافياً على الإمام.
قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "إنما يؤمر الحاكم بالمشورة، لكون المشير ينبهه على ما يغفل عنه، ويدله على ما لا يستحضره من الدليل
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وأولو الأمر صنفان: الأمراء والعلماء، وهم الذين إذا صلحوا صلح الناس، فعلى كل منهم أن يتحرى فيما يقوله وما يفعله، طاعة الله ورسوله واتباع كتاب الله. ومتى أمكن في الحوادث المشكلة معرفة ما دل عليه الكتاب والسنة، كان هو الواجب، وإن لم يمكن ذلك لضيق الوقت، أو عجز الطالب، أو تكافؤ الأدلة عنده أو غير ذلك، فله أن يقلد من يرتضي علمه ودينه، هذا أقوى الأقوال.
أما استشارتهم في أمور الدنيا، فتكون في شؤون الدولة المهمة مثل: تسيير الجيوش، وإعلان الحرب، وعقد المعاهدات، وإسناد المناصب المهمة في الدولة إلى مستحقيها
وكذلك السياسات الداخلية والخارجية، كسياسة التربية والتعليم، والسياسة المالية والصناعية، والتجارية، والطبية، وكذا خطط الدولة التنموية، وعلاقاتها الخارجية.
فكل ناحية منها لها جانبان: جانب يتعلق بالمهنة، وجانب يتعلق بالتعامل، وكل منهما له ضوابط شرعية يجب مراعاتها، ويلزم عرضها على أهل الشريعة بعد أهل الصنعة للتأكد من سلامة الخطة والسياسة من مخالفات شرعية أو ثغرات تؤدي إلى مفاسد خلقية أو اجتماعية أو نحوها.
فنظر العلماء لا يقل أهمية عن نظر المختصين والخبراء. وليس هناك مجال من مجالات الحياة ليس للعلماء نظر فيه. ودور العلماء لا يقتصر على المشاورة في الخطوط العريضة للأمور بل يتعدى ذلك إلى التفاصيل الدقيقة المنظمة لذلك الأمر.
ونظراً لتشعب نواحي الحياة ودقتها في الوقت الحاضر، فيقتضي الأمر تشكيل هيئة استشارية لها لجان متعددة مختصة بدراسة جميع أوضاع الدولة من الناحية الشرعية. يكلف بعض هذه اللجان بالنظر في الأوضاع القائمة، ودراسة البحوث المقدمة فيها، واقتراح الإصلاحات. ولجان أخرى تنظر في المشاريع المقترحة والنوازل الطارئة، والتأكد من ملائمة ما يقترح لها من جميع نواحيه لأحكام الشريعة الإسلامية. واقتراح التعديلات المناسبة.
ويقوم على هذه اللجان نخبة من العلماء الأمناء، ويستعينون عند الحاجة بالعلماء الآخرين الذين ليسوا أعضاء فيها.
ولا يقتصر في المشاورة في أمور الدنيا على العلماء، بل يشترك معهم أهل النظر والاختصاص والتجربة من سائر المسلمين، ويشترط فيهم الأمانة وسلامة الديانة والنصح للأمة.
والتزام ولي الأمر بمبدأ المشاروة -وخاصة مشاروة أهل العلم- يمثل حصناً سلطانياً اجتماعياً تتكاتف فيه العقول المستنيرة على انتهاج أفضل السبل وأكثرها نقاء وصفاء وبعداً عن شوائب الجاهلية وأفكارها وأنظمتها الفاسدة.
وبذلك يقطع الطريق على المفسدين من المنافقين والكافرين والفاسقين الذين يحاولون جاهدين أن يمرروا باطلهم عن طريق السلطان. لذلك شدد الله النهي لرسوله صلى الله عليه وسلم في أكثر موضع عن طاعتهم أو مشاروتهم. كما في قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان:24] .
وقوله: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [الأحزاب:48] .
واختلال هذا المبدأ -إما بالاستبداد من ولي الأمر والمشاركين له في الحكم، أو بترك مشاورة أهل العلم، والجنوح إلى مشاورة أهل الفسق والخيانة والنفاق- ينتج عنه خطر عظيم، فهو ثغرة تمرر من خلالها أفكار الجاهلية ونظرياتها، ونظمها تحت أغلفة براقة، وشبه منمقة، كادعاء الحاجة أو الضرورة، وعدم وجود البديل، وغير ذلك من المبررات التي قد يستحسنها الولاة، ويعملون بها عند تعطيل الشورى.
وخلاصة هذا المبحث: أن ولي الأمر يمثل دعامة من دعائم المجتمع المسلم، فإذا كان صادق الإيمان، مراقباً لله في كل ما يأتي ويقرر، قائماً بما عليه خير قيام، كانت الثغرة التي من قبله مسدودة آمنة، وأهم عوامل سلامة هذه الدعامة أن يكون ولي الأمر عالماً بالأحكام الإسلامية، وبمهام الحكم ومقاصد الولاية، غيوراً على الإسلام متحمساً لتنفيذه، والدفاع عنه ونشره، وان يستعمل الأصلح في أعماله، ويحذر من توليه الكافرين والمنافقين، أو غير الأمناء، أو الضعفاء، وأن يستشير أهل العلم والصلاح والرأي والخبرة.
وبذلك يكون المجتمع قوياً من الداخل ضد أي شر يتربص به الدوائر، وخاصة الأفكار الهدامة التي تستهدف القضاء على مقوماته الدينية والاجتماعية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظائف الإمامة، ومقاصد الحكم
ومن اهم وظائف الامام هى حماية دين الأمة وصيانته، وأن ذلك من أهم مقاصد الحكم، ومن ذلك مكافحة الأفكار الهدامة وقمع مروجيها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فالمقصود الواجب في الولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم"
وقال الماوردي: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا"
وعلى ما تقدم يتبين أن وظائف الخلافة، ومقاصد الحكم تجمل في مقصدين هامين:
الأول: تنفيذ الدين بإقامة فرائضه وشرائعه، وبسط أحكامه وحدوده في كافة المجالات وسياسة الدنيا به.
الثاني: الدفاع عنه وحراسته، من الأفكار المخالفة، والأهواء الجامحة والبدع المحدثة التي هي أساس الفساد، وبواعث التنازع والفرقة.
ولكل منهما دور في حصانة المسلم وحمايته من الأفكار الهدامة وسائر الشرور، ففي جانب تنفيذ الدين تقع المسئولية الأولى على ولي الأمر، فلا يجوز له أن يعدل عن شيء من الشريعة في أي أمر من الأمور، وعليه أن يشرف بنفسه على تنفيذ النظم الإسلامية، ويجتهد في اختيار القضاة ونحوهم، وينشئ من الوزارات والدوائر ما يراه ضرورياً لتسيير مصالح الناس، ويولي عليها الثقات الأقوياء الأمناء، ويحرص على إقامة العدل ورفع الظلم، وأن يكون الناس سواسية في الحقوق، وبذلك يكون المجتمع قد أسس على تقوى من الله، وقاعدته قوية متينة.
حراسة الدين والدفاع عنه:
لا شك أن إقامة المجتمع على شريعة الإسلام وأسس التقوى هي الخطوة الأولى في بناء الدولة الإسلامية، وهي خطوة هامة لسلامتها والمحافظة عليها، إلا أن الأهم من ذلك هو استدامته والاستقامة عليه، وذلك يتجلى في واجب حراسة الدين والدفاع عنه.
والمقصود بحفظ الدين والدفاع عنه، بينه الماوردي بقوله: "حفظ الدين على أصوله المستقرة، وما أجمع عليه سلف الأمة، فإن نجم مبتدع أو زاغ ذو شبهة عنه أوضح له الحجة، وبين له الصواب، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود، ليكون الدين محروساً من خلل، وأمة ممنوعة من زلل
وبين هذا الأمر الدكتور عبد الكريم زيدان فقال: "وحفظ الإسلام يعني إبقاء حقائقه ومعانيه، ونشرها بين الناس، كما بلغها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار عليها صحابته الكرام، ونقلوها إلى الناس بعده، وعلى هذا لا يجوز أي تبديل أو تحريف في هذه الحقائق والمعاني، لأن التحريف والتبديل يدخلان في نطاق الابتداع المذموم في دين الله، ولا يجوز التردد أبداً في منع التبديل والتحريف بحجة حق الفرد في إبداء الرأي وحرية الفكر والاجتهاد ... لأن الفرد إن كان مسلماً فليس من حقه أن يبدل دين الله، وإذا اختار لنفسه الضلالة ولعقيدته الفساد، فليس من حقه أبداً أن يضل الآخرين أو يفسد عقائدهم، وإن كان الفرد غير مسلم فليس من حقه أبداً أن يخرج على نظام دار الإسلام، ويشوه حقائق الإسلام، وإلا كان ناقضاً لعقد الذمة، ومع هذا فقد يقع المسلم في زيغ أو شبهة أو خطأ نتيجة فهم سقيم أو تضليل خبيث، فيجب على ولي الأمر -الخليفة، أو نائبه- أن يعمل على كشف الشبهة وإظهار الصواب بالدليل والبرهان، حتى يظهر الحق وتقوم الحجة، فإن أصر المبطل على باطله، وسعى إلى نشره في الناس، منع من ذلك وأقيم عليه ما يوجبه الشرع
وقال أيضاً: "ومنها إزالة المفاسد والمنكرات من المجتمع، كما يقضي به الإسلام، إذ لا يمكن الادعاء بحفظ الدين مع ترك المفاسد والمنكرات بلا إنكار ولا إزالة، مع توفر القدرة على ذلك
فواجب الإمام إذاً أن يشرف على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعين في كل بلاد من خيار أهله الأمناء الأقوياء الأتقياء من يقوم بهذه المهمة، ويكون لهم خير معين ونصير، فإن ذلك من أهم وظائف الأمة وأئمتها إذا مكنوا في الأرض.
قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41] .
ومن أهم الركائز التي تتحتم على ولي الأمر لتحقيق هذا المقصد -وهو حراسة الدين وحفظه- قطع صلة المجتمع المسلم بالمجتمعات الكافرة والفاسقة، ومنع بث أفكارهم وعاداتهم وما يمت إليهم بصلة بين المسلمين.
والحق أن الإسلام يواجه في هذا العصر أعظم خطر فكري، ليس بكثر الضلال وتنوع مشاربه، ولكن بوجود الوسائل الناقلة له التي تبث في وقت واحد، المادة الواحدة في ملايين البيوت.
لذلك كان العزل الفكري وتحصين الأمة الإسلامية من موارد الضلال، وعفونات الجاهلية الفكرية، من أهم الواجبات المناطة بولاة الأمر من السلاطين والعلماء وغيرهم، وخاصة في هذا الوقت الذي اشتدت فيه الهجمة وأثرت أثراً خطيراً في أفكار المسلمين وسلوكهم، فواجب ترشيد وسائل الإعلام، وقطع المواد المفسدة ومحاربة الوسائل الباثة لها.
ومن ذلك أيضاً منع اختلاط الكفار بالمسلمين من خلال تسهيل سفر المسلم إلى بلاد الكفر والفسوق بلا حاجة شرعية، أو استقدامهم إلى بلاد المسلمين دون قيود تضمن التزام غير المسلم بما جاء من أجله، وعدم بث باطله، واحترام شعائر الإسلام، وعدم المجاهرة بالفسق.
وفي الجملة فإن واجب ولاة الأمر والمحتسبين مكافحة كل منكر يطرأ في المجتمع، سواء كان سلوكياً أو فكرياً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فأما الغش والتدليس في الديانات، فمثل البدع المخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة من الأقوال والأفعال: مثل إظهار المكاء والتصدية في مساجد المسلمين، ومثل سب جمهور الصحابة وجمهور المسلمين، أو سب أئمة المسلمين ومشايخهم، وولاة أمورهم: المشهورين عند عموم الأمة بالخير: ومثل التكذيب بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تلقاها أهل العلم بالقبول، ومثل رواية الأحاديث الموضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثل الغلو في الدين بأن ينزل البشر منزلة الإله، ومثل تجويز الخروج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل الإلحاد في أسماء الله وآياته، وتحريف الكلم عن مواضعه والتكذيب بقدر الله، ومعارضة أمره ونهيه بقضائه وقدره، ومثل إظهار الخزعبلات السحرية والشعبذية الطبيعية وغيرها، التي يضاهي بها ما للأنبياء والأولياء من المعجزات والكرامات، ليصد بها عن سبيل الله، أو يظن بها الخير فيمن ليس من أهله، وهذا باب واسع يطول وصفه.
فمن ظهر منه شيء من هذه المنكرات وجب منعه من ذلك، وعقوبته عليها إذا لم يتب حتى قدر عليه، بحسب ما جاءت به الشريعة من قتل أو جلد أو غير ذلك، أما المحتسب فعليه أن يُعزر من أظهر ذلك قولاً أو فعلاً، ويمنع الاجتماع في مظان التهم"
فالواجب الأول على أئمة الأمة من الأمراء والحكام والعلماء، هو حفظ أصول الدين، وهو المقصود الأعظم من السلطان، فيجب القيام على المبتدع في الدين بما يكفه عن ضلال بدعته من ناحية الولاة وغيرهم والقيام على المبتدعة ودعاة الضلال يختلف باختلاف حال كل منهم.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: "إن القيام عليهم بالتثريب أو التنكيل أو الطرد أو الإبعاد أو الإنكار، هو بحسب حال البدعة في نفسها من كونها عظيمة المفسدة في الدين أم لا، وكون صاحبها مشتهراً بها أوْ لا، وداعياً إليها أوْ لا، ومستظهراً بالاتباع وخارجاً عن الناس أوْ لا، وكونه عاملاً بها على جهة الجهل أوْ لا.
وكل من هذه الأقسام له حكم اجتهادي يخصه، إذ لم يأت في الشرع في البدعة حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، كما جاء في كثير من المعاصي، كالسرقة والحرابة والقتل والقذف والجراح والخمر وغير ذلك، لا جرم أن المجتهدين من الأمة نظروا فيها بحسب النوازل"
ثم ذكر بعد ذلك أنواع العقوبات التي ذكرها العلماء لأهل البدع كل حسب بدعته كما تقدم تفصيله، وسوف أذكر هذه العقوبات بشيء من التصرف، وأقسمها إلى ثلاثة مجموعات: ما يتعلق بالإمام، وما يتعلق بالعلماء والقضاة، وما يتعلق بالمجتمع.
أولاً: العقوبات التي يتولى الإمام إنزالها بأهل البدع.
1- القتال: إذا ناصبوا المسلمين وخرجوا عليهم.
2- القتل: لمن أظهر بدعته واستتيب ولم يرجع.
3- الضرب.
4- التغريب.
5- السجن.
6- عدم استعمالهم ولاة أو قضاة، أو أئمة وخطباء في المساجد، أو في مجال التدريس ونحوها.
ثانياً: العقوبات التي يتولى القيام عليها القضاة والعلماء.
1- تكفير من دل الدليل على كفره.
2- الحكم بأنه لا يرثهم أقاربهم من المسلمين، ولا يرثون أحداً منهم، ولا يغسلون إذا ماتوا ولا يصلى عليهم، ولا يدفنون في مقابر المسلمين.
3- الأمر بأن لا يناكحوا.
4- تجريحهم على الجملة، فلا تقبل شهادتهم ولا روايتهم.
ثالثاً: العقوبات الاجتماعية.
1-الهجران وترك الكلام والسلام.
2- ترك عيادة مرضاهم.
3- ترك شهود جنائزهم.
4- عدم مناكحتهم أو مشاركتهم في البيوع ونحو ذلك.
ويسبق هذه العقوبات جميعاً الإنكار عليه باللسان ومجادلته وإقامة الحجة عليه، فإن رجع وإلا عوقب بما يتناسب مع مخالفته.
ولا شك أن هذه العقوبات إذا أنزلت بمن يستحقها فسوف تجعل صاحب البدعة منبوذاً معزولاً عن المجتمع، وبذلك ينحسر شره وتخمد ناره.
وإذا أُخل بذلك، فتقاعس الولاة عن إيقاع العقوبات بالمبتدعين والمفسدين وخاصة أهل الأهواء والأفكار المنحرفة، وتغاضوا عنهم أو قربوهم واستعملوهم في بعض الأعمال، كذلك إذا أخل العلماء والقضاة بواجبهم في مجابهة أولئك، وبيان حالهم ومواصاة ولاة الأمر بتأديبهم،
ومثله إذا أخل أفراد المجتمع بما عليهم، ولم يهجروا المبتدعين والفساق، وخالطوهم واحترموهم، واختل الميزان الذي يقاس به الناس، فأصبح الدنيا ومتعها بدل التقوى والسنة، إذا حصل ذلك انهدم السور القريب، والمعقل الأخير، وأصبح أفراد المجتمع -إلا من عصم الله- عرضة للشبهات المشككة، والشهوات المهلكة، فينجم فيه النفاق، ويصول ويجول فيه أهل الضلال، والعصمة في ذلك -بعد الله تعالى- قيام السلطان بما عليه، فإنه إن استقام أقام من دونه، وإن مال كان من دونه أسرع وأقرب إلى الميلان.
وخلاصة هذا المبحث: أن قيام ولاة الأمر بتنفيذ الدين وإقامة نظامه وشرائعه وأحكامه وحدوده والصرامة في ذلك، وبالمقابل الدفاع عن الدين وحراسته من كيد المفسدين في الداخل والخارج، والضرب على أيدي المبتدعين والمفسدين، فإن ذلك حصن قوي يحمي به الله المجتمع المسلم من الأفكار المنحرفة، وسائر الشرور.
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك


راضي هلال
نائب المدير العام
راضي هلال
نائب المدير العام
الدوله : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 248
سجل فى : 18/08/2011
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Empty
http://www.ahlaarab.com
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Clock11 23.05.12 8:11

هاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااي
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك


ayoub.28
عضو ذهبى
عضو ذهبى
ذكر
عدد المساهمات : 97
سجل فى : 22/07/2012
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Empty
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Clock11 22.07.12 10:09

مشكووووووووووووووور اخي على الموضوع المتميز
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك


khalaf
vp
vp
ذكر
عدد المساهمات : 978
سجل فى : 24/07/2012
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Empty
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Clock11 24.07.12 22:49

جزاك الله خير
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك


ميدو الرومانسى
vp
ميدو الرومانسى
vp
الدوله : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 2376
سجل فى : 11/10/2012
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Empty
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Clock11 11.10.12 19:52

الله يعطيك العافية
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك


وسام للكومبيوتر
vp
وسام للكومبيوتر
vp
الدوله : العراق
ذكر
عدد المساهمات : 550
سجل فى : 20/12/2013
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Empty
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Clock11 20.12.13 15:55

شكرا لك على الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا
و ننتظر جديدك
في آمان الله
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك


admin
صاحب الموقع
admin
صاحب الموقع
الدوله : المملكة العربية السعودية
ذكر
عدد المساهمات : 785
سجل فى : 07/07/2011
العمر : 27
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Empty
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Clock11 24.12.13 22:11

إن ما يخرج من القلب يدخل إلى القلب
هنا لقد استمتعت واستفدت أنا شخصيا"
من هذا الإبداع والتألق
الله لا يحرمنا من مواضيعكِ الراقية
وانتظر جديدكِ بفارغ الصبر
ولكِ مني أرق وأجمل التحايا
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك


صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» صفات عباد الرحمن
» مفهوم التكافل في الاسلام
» قرية خليجية لم تعرف الاسلام الا سنة 2002
» "سبيع": لسنا الحزب الحاكم .. والرئيس لا يملك حل التأسيسية
» الحاكم العسكرى ببورسعيد يدلى بأقواله فى مجزرة الإستاد الخميس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احلى العرب :: الاركان الاسلامية :: الركن الأسلامى العام-
صفات ودور الحاكم او ولى الامر فى الاسلام Traidnt-9234