الفنان محمد صبحى
حاوره فى مسقط - محمد سعد
عوقب فى الصف الثانى الإعدادى بالطرد من البيت فذهب إلى بيت صديقه وبقى فيه لفترة، ظل يعاند ويكابر ليصنع لنفسه شخصية، وكان يخاف على نفسه من أصدقاء السوء، وفى إحدى مسابقات الكمنجة حصد المركز الثانى ولكى يغيظ الكمنجة دخل التمثيل بالرغم من أنه لم يفكر به من قبل فكانت البداية.
الخط البيانى لمشواره يدلل على أنه نجم يتمتع بشعور وطنى، حيث ولد فى عام النكبة 48، والتحق بالتعليم الابتدائى فى 56، وأنهى دراسته الثانوية خلال حرب اليمن 65، ودخل المعهد خلال حرب 67 وتخرج عام 70، وتزوج فى 73، وهذا التماس بين محطات حياته وتلك الأحداث الوطنية شكل وجدان محمد صبحى ليصبح فنانا بدرجة مواطن.
«اليوم السابع» التقت الفنان محمد صبحى، أثناء تواجده بمهرجان المسرح العمانى فى مسقط وكان هذا الحوار..
> كيف ترى المشهد السياسى الحالى فى مصر؟
- أجد أن هناك أهدافا كثيرة لضرب الثورة المصرية وهذا ما أشرت إليه كثيراً قبل ذلك، فهناك قوى خارجية تسعى لتقسيم مصر ويجب أن نحذر من ذلك.
كما أرجو عدم الهجوم على المجلس العسكرى، لأن سقوط المجلس يعنى انهيار الدولة بأكملها فلابد أن ندرك ذلك، ولولا أننا نمتلك جيشاً ومجلساً عسكرياً قوياً، لكنا قد واجهنا تدخلات أجنبية عديدة. وهناك فرق كبير بين إسقاط نظام فاسد، وإسقاط دولة، مما جعل الأحداث الأخيرة فى ميدان التحرير تصيبنى بالاكتئاب، لذلك أؤكد أننا فى هذه اللحظة المفصلية أصبحنا نحتاج إلى ثورة أخلاق وأخلاق ثورة.
> هل تفكر فى تقديم عمل فنى حول الثورة؟
- تقديم عمل حول الثورة «قمة الحماقة»، إذ لا يمكن أن نحكم على الثورة وعلى ما سينتج عنها فى بضعة أشهر، لأنه لا يمكن لإنسان وصف لوحة من قرب، بل كلما ابتعدنا عن اللوحة استطعنا وصفها. وفى هذا السياق أذكر ثورة الضباط الأحرار عام 1952، وما كتب عن هذه الثورة بعدئذ فيه الكثير من الأخطاء والتناقضات، لكن هذا لا يلغى أن الكثير من الأعمال التى كتبت عن هذه الثورة كانت وصفاً صادقاً وحقيقياً، خصوصا أن وضع مصر حالياً أشبه بوضع امرأة تخلصت من زوجها الفاسد، لتفاجأ بأنها تقع ضحية أصحابه وأهله، فهناك مجموعة من الخونة يغتصبون مصر، وللأسف هؤلاء يرتدون لبس الثوار، ونحن مهددون بالفوضى، ولهذا أبحث فى الإنسان المصرى عن جينات الطيبة والابتسامة، الإنسان المصرى ليس من نراه الآن.
> ولكن هناك بعض الأصوات فى ميدان التحرير تنادى برحيل المجلس العسكرى؟
- التحرير لم يعد هو الشرعية التى نحتكم إليها حالياً بعد دخول غير الثوريين إليه، كما أن الفيس بوك ملىء بالإشاعات، أليس من السهل أن يدخل عليك «كوهين» من تل أبيب باسم مستعار ويتحدث معك ويشعل الفتنة بينك وبين الآخرين، بالطبع هذا سهل جداً وأعتقد أنه يحدث بالفعل ولذلك أقول وأكرر أنه يجب علينا أن ننتبه وأن نضع مصر أمام أعيننا ونتجنب أى خلافات شخصية أو فئوية فى هذه المرحلة.
> ماذا عن مشاركتك فى الانتخابات؟
- رغم حالة الاكتئاب التى كنت أمر بها، إلا أن أحزانى وآلامى قد تبددت مع أول انتخابات ديمقراطية حقيقية بعد الثورة، وهى المؤشر الأول لنجاح الثورة فى مصر، ولأول مرة فى حياتى أنزل لأنتخب.
ويجب علينا ألا نحزن اليوم على المليارات المنهوبة من أملاك دولتنا أمام عودة أصواتنا التى ظلت منهوبة.
> كيف ترى مجلس الشعب المقبل فى ظل وجود أغلبية إسلامية؟
- أتمنى أن يكون لمجلس الشعب أهميته، وألا تناقش جلساته المايوه والشاطئ والخمر والربا.. فنحن شعب محترم يعشق الأخلاق، والأخلاق مستمدة من الأديان، ولا نريد من يعلمنا ديننا ولا أخلاقنا، ولكن يدعو للأخلاق والفضيلة، نريد ألا نناقش تفاهات وأتمنى أن نعود أمة عربية إسلامية مسيحية، نحن مصريون.
> فى الذكرى الأولى للثورة ماذا تقول لشبابها؟
- أوجه شكرى لشباب الثورة.. وأود أن ألفت إلى أن الثوار ارتكبوا أخطاء وهى التشرذم والتفتت والانشغال بأشياء أخرى غير أهداف الثورة وهى التغيير، أنتم أنجزتم ما لم يتوقعه أحد ومع ذلك أنتم لم تشعروا بهذا، ونراهم فى وسائل الإعلام يقولون إن الثورة لم تكتمل.. أنتم أنهيتم أسطورة مؤلمة ومخجلة لمصر وهى قضية التوريث.. وقد حققتم الكثير وكسرتم حاجز الخوف فلا تسمحوا للشعب أن يكسر حاجز الأخلاق.
> هل تخشى من صعود الإخوان والسلفيين وتأثير ذلك على الفن؟
- أتفاءل بالإخوان وأتخوف من ذيول السلفيين.. والإعلام هو من خوف الناس من «الإسلاميين أو الليبراليين» خصوصا أن هناك فهما خاطئا يساعد على وجوده العديد من الأصوات الهدامة ولكن لا علاقة لها بالإخوان والسلفيين ولا بالإسلام أصلاً مثل ذلك الذى نادى بأن تغطى التماثيل فى مصر بالشمع.
«يعلق ضاحكاً»: «قلت ف نفسى أكيد لديه مصنع شمع ويريد أن يبيع بضاعته».
> ماذا عن الوضع الأمنى من وجهة نظرك؟
- أتساءل أين كان المحتجون والمضربون أيام النظام الفاسد، نحن قتلنا الشرطة بشرفائها وفاسديها فكيف نتوقع أن يطبق القانون بدون وجود ذراع لتنفيذه.. ولماذا لم تخرج مليونية لتحية شهداء الشرطة أو الجيش على غرار المليونيات التى كان يتم تنظيمها؟ إننا فى الوقت الحالى نحتاج للشرطة بشدة مع ضمان أنها لن تعود إلى سابق ممارساتها فى العهد القديم.
> هل أنت متفائل بحراك المسرح بعد الثورات العربية؟
- لا أعتقد أن البشر سيمتلكون أجنحة بيضاء بعد الثورات.. لا توجد ضمانات لذلك الآن على الأقل.. فالثورة بحاجة لأن تعيش مخاضات عديدة.. فالتغيير لا يأتى بين يوم وليلة.. وأخاف أن ينقلب الربيع إلى خريف أو شتاء وأن يجعل الإنسان متسامحا.. راضياً.. لذا نريد شعوبا تواقة إلى السلوك المتحضر.