كتب العباس السكرى
هل انعكست ثورة 25 يناير على صناعة السينما فى مصر؟، وهل عبر الفن السابع عن أكبر ثورة شعبية فى تاريخ مصر الحديث؟.. سؤلان أساسيان جاءت إجابتهما بالنفى، حسبما يرى العديد من مخرجى ومنتجى السينما المصرية، حيث أكد المخرج أحمد البدرى أن مردود الثورة لم يصل إلى السينما، سواء من ناحية تناولها الموضوعات، أو من ناحية تحقيق زيادة فى المكاسب المادية تتعلق بضخ رأس المال، مشيرا إلى أن الصناعة حاليا تعانى من نفس مشكلاتها قبل الثورة، ولم تظهر سينما الثورة بقوة حتى الآن.
وأضاف البدرى لـ«اليوم السابع» أن الإنتاج السينمائى تقهقر بعد الثورة، وأصبح هناك تخوف ملحوظ من القائمين على صناعة السينما على الشروع فى أعمال جديدة، مما أثر بالسلب، وأدى إلى وجود طرف منافس بدخول الإنتاج السعودى والإماراتى والكويتى فى مجال السينما، وأرجع البدرى أسباب ذلك إلى قلق المنتجين، والخوف من المجازفة خشية عدم تحقيق الأرباح.
المخرج أكرم فريد اتفق مع البدرى فى الرأى، مشيرا إلى أن الثورة لم تنته حتى الآن، لذلك فالسينما لم تجنِ ثمارها، وأضاف: البعض فكر فى استغلال الحدث السياسى وعمل أفلام عن الثورة لجذب الجمهور، لكنهم تراجعوا لأن سينما الثورة لن تظهر قبل 3 أعوام، وأغلب الأفلام السينمائية التى ستقدم عن الثورة فى هذا الوقت لن تلاقى حظا من النجاح، لكون الثورة مستمرة، ولن يستطيع مخرج أن يتعرض لنتائجها حاليا.
وأكد فريد أن شكل الإخراج السينمائى لن يتغير فى الفترة المقبلة، وأيضا قواعد كتابة السيناريو، مستدلا على ذلك بفيلم «شارع الهرم» الذى تم عرضه بعد الثورة، وحقق نجاحا جماهيريا واكتسح إيرادات موسم عيد الفطر. وأضاف: السينما تعتمد على الطابع الترفيهى، لذا يميل جمهور السينما بطبعه إلى جرعة الكوميديا، وليس جرعة السياسة، وهو ما يجعل عرض الأعمال التى تناقش الثورة لا تلاقى إقبالا. المنتج محمد حسن رمزى لايرى أى مكتسبات ملموسة للسينما منذ اندلاع الثورة، وعلى العكس من ذلك يؤكد تراجع الإنتاج السينمائى نظرا للظروف التى شهدتها البلاد، وحالة التخبط والقلق المستمرة التى تسود الشارع المصرى. وأضاف أن عودة عجلة الإنتاج مرهونة باستقرار الأوضاع، شأنها شأن أى مجال آخر. مضيفا أن الثورة ستؤرخ لها السينما فى الوقت المناسب وليس الآن، لتوتر الأوضاع بشكل مستمر.
السيناريست نادر صلاح الدين يؤكد أن الثورة ليست لها مكاسب لحظية، مشيرا إلى انقضاء عام كامل دون أن تكون هناك مكاسب مشروعة للسينما، وأوضح أن السينما تعرضت لخسارة فادحة فى أغلب مواسم السنة بسبب حالة الانفلات الأمنى، لذلك تأثرت صناعة السينما مثل أى كيان اقتصادى فى الدولة.
ولفت صلاح الدين إلى أن ثورة يناير لها طابع خاص، حيث إن فلسفتها لم تكتمل، ومن المحتمل أن تأخذ بعضا من الوقت حتى تظهر جميع ملامحها، لذا لن تظهر سينما الثورة الآن، وضرب المؤلف مثلا بثورة 52 حيث إن الأفلام التى بدأت تؤرخ للثورة بمفهومها الصحيح كانت منذ عام 56، أى بعد اندلاع الثورة بـ4 سنوات. وأضاف: شكل الإخراج والإنتاج والكتابة للسينما لن يتغير عما كان قبل الثورة، والسبب فى ذلك يعود إلى الذوق العام لدى المشاهد الذى لم يتغير بعد الثورة، بدليل نجاح أفلام تافهة، فالثورة من الممكن أن تغير وتسقط نظاما، لكنها لن تستطيع تغيير الذوق العام.
وفى السياق نفسه ترى الناقدة خيرية البشلاوى أن السينما لم تكسب شيئا من الثورة مثل الثوار، مؤكدة أن سينما الثورة ستظهر بصورة هائلة على الشاشات خلال الأعوام المقبلة، لأن هناك مخزونا كبيرا من الصور واللقطات الحية والتسجيلات التى سجلت فى قلب ميادين مصر قادرة على أن تؤرخ للثورة المصرية.