الكاتبة الصحفية علا الشافعى
نعيش جميعا فى تلك الفترة مشهدا شديدا القتامة، لا أحد يعرف إلى أين سينتهى، حالة من الإحباط هى كل ما بت أمتلكه، أو لنكن أكثر دقة.. دائرة من الإحباط أصبح من الصعب الفرار منها، رغم حدس كل أصدقائى المتفائلين، وتأكيدهم أن القادم أفضل بكثير، وبالطبع هم يملكون مبررات هذا التفاؤل، ولكن المحبطين أمثالى أعتقد أنهم هم الذين لا يملوا من النظر إلى الصور ومقاطع الفيديوهات لأحداث شارع مجلس الوزراء وقصر العينى المتداولة فى وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت، من قتل وسحل وإهانات، واعتداء على آدمية البشر، أصبحنا فى حالة مؤكدة من الارتباك لا يستطيع أعتى المفكرين والمنظرين فك طلاسمها، روايات متعددة عن اعتداء واعتداء آخر، عن بلطجية يعيثون فى الأرض فسادا عن قوات أمن ليس أمامها خيار إلا القتل أو السحل أو تعرية النساء؟ بهدف حماية منشآت الدولة، ومثلى من يشعرون بالعجز الحقيقى باتوا لا يعرفون كيف يتعاملون مع الآلاف الصور التى تبث يوميا عبر الشاشات، أو تلك التى بات البعض يتناقلها عبر هواتفهم المحمولة، لذلك لم أعد أملك سوى مجموعة من التساؤلات، هل أصبح من المعتاد أن نستيقظ كل صباح على خبر نصه يقول: "اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين فى شارع محمد محمود، وبعدها بأقل من ثلاثة أسابيع اشتباكات جديدة بين معتصمى مجلس الوزراء وقوات الجيش، ثم تجدد الاشتباكات، وتتوالى الأخبار عن حمامات الدم من مصابين وقتلى والتى عادة ما تبدأ بقتيل، وسرعان ما ترتفع إلى عشرة ومضاعفاتها، المجلس العسكرى يأسف عما شهدته منطقة وسط البلد من أحداث عنف، المجلس يأمر بعلاج المصابين على نفقة الدولة، حريق يلتهم المجمع العلمى ويقضى على ما لا يقل من 200 ألف كتاب".
والمجمع العلمى لمن لا يعرف هو مبنى أثرى، حيث تم تسجيله كأثر إسلامى منذ عام 1987، وقد أسسه القائد الفرنسى نابليون بونابرت.
ويضم المجمع مجموعة من الخرائط النادرة لمصر ورسومًا نادرة أعدها علماء الحملة، إلى جانب اختراعات دقيقة لهؤلاء العلماء، إلى جانب مكتبة ضخمة بها 200 ألف كتاب فى مختلف العلوم والآداب، من بينها 40 ألف كتاب من أمهات الكتب النادرة. كما يضم مبنى المجمع العلمى المصرى النسخة الأصلية من كتاب "وصف مصر"، وهو عبارة عن 20 مجلدًا، وبالنسبة لى إهدار الدم هو شىء ضد الإنسانية ولا يجب أن يتم استباحته واستسهال الأمر بهذا الشكل، تماما مثل الاستهانة بتراثنا الإنسانى.. وحضارتنا، يتساوى الأمران وكلاهما أشد مرارة من الآخر، ولكن لا أعرف هل بات علينا نحن المصريين أن ننام ونستيقظ فى انتظار الاشتباكات القادمة فى شارع مختلف كل يوم من مدينتنا؟ هل ستتحول مصر وأبناؤها إلى أرقام وأخبار فى النيوز بار للقنوات المختلفة؟